لأن من شرط التنازع صحة توجه كل واحد من العاملين إلى ذلك المعمول من غير فساد في اللفظ ولا في المعنى، وفي هذا البيت تقدم عاملان وهما: (كفاني) و (لم أطلب) وتأخر معمول واحد وهو (قليل من المال) ولو توجه إليه العاملان لفسد المعنى المراد. إذ يصير التقدير: (كفاني قليل من المال ولم أطلب قليلاً من المال) وهذا كلام غير مستقيم، فيتعين أن يكون مفعول (أطلب) محذوفاً، وتقدير الكلام: لو كان سعيي لأدنى معيشة كفاني قليل من المال ولم أطلب الملك، ومقتضى ذلك أنه طالب للملك. وهذا هو المراد، بدليل قوله بعده:

ولكنما أسعى لمجدٍ مُؤثَّل ……وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي

ومجد مؤثَّل: أي: قديم.

باب في ذكر منصوبات الأسماء

قوله: (المَفْعُولُ مَنْصُوبٌ وهُوَ خَمْسَةٌ: المَفْعُولُ بِهِ، وهُوَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ فِعْلُ الْفَاعِلِ كَضَرَبْتُ زَيْداً) .

ذكر ابن هشام - رحمه الله - في هذا الباب المفاعيل الخمسة وهي: المفعول به، والمفعول المطلق، والمفعول له، والمفعول فيه، والمفعول معه، وقدمها على غيرها من المنصوبات الأخرى؛ لأنه الأصل وغيرها محمول عليها ومشبه بها، وكلها منصوبة.

وبدأ بالمفعول به فقال: هو ما وقع عليه فعل الفاعل، كضربت زيدًا. فـ (زيدًا) مفعول به، لوقوع فعل الفاعل عليه، وهو الضرب، وهذا بخلاف بقية المفاعيل، فإن المفعول المطلق نفس فعل الفاعل، والمفعول له وقع لأجله، والمفعول فيه وقع فيه، والمفعول معه وقع معه، كما سيأتي إن شاء الله.

قوله: (وَمِنْهُ المُنَادَى، وإنَّمَا يُنْصَبُ مُضَافاً كَيَا عَبْدَ الله أَوْ شَبِيهاً بِالمُضَافِ كَيَا حَسَناً وَجْهُهُ، ويَا طَالِعاً جَبَلاً، وَيَا رَفِيقاً بِالْعِبَادِ، أَوْ نَكِرَةً غَيْرَ مَقْصُودَةٍ، كَقَوْلِ الأعْمَى: يَا رَجُلاً خُذْ بَيدِي) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015