ولا يخفى علينا جميعًا ما وقع للنبي صلى الله عليه وسلّم في كيفية الدعوة إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ بالتي هي أحسن، لا يخفى علينا قصة الأعرابي الذي جاء فبال في طائفة من المسجد ـ فزجره الناس وأنكروا عليه، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلّم قال: «دعوه ولا تزرموه ... » (?)
فلما فرغ من بوله.. أمر النبي صلى الله عليه وسلّم بما تزول به هذه المفسدة، وهي أن يصب عليه ذنوبٌ من ماء، أي: دلو أو شبهه، ثم دعا الأعرابيّ، وقال له: «إن هذه المساجد، لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله ـ عزَّ وجلَّ ـ والصلاة، وقراءة القرآن (?) » أو كما قال صلى الله عليه وسلّم. فتأمل هذه الدعوة إلى الحق بهذا الأسلوب.. ماذا تتصور من حال هذا الأعرابي الذي دعاه الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ إلى تعظيم المساجد.. بهذا الأسلوب الليّن السهل، إنك لن تتصور إلاَّ أن هذا الأعرابي سيقبل وسيطمئن وسيرتاح، وسيجد الفرق بين ما قام به الصحابةـ رضي الله عنهم ـ من الزجر، وما قام به النبي صلى الله عليه وسلّم من التعليم الهادئ، الذي ينشرح فيه الصدر، ويطمئن به القلب..