وسبّ الباطل، وبيان منزلته للناس أمرٌ مطلوب لابد منه.. ولكن إذا كان يترتب على ذلك مفسدة أكبر، مع إمكان زوال الباطل بدون هذه المفسدة.. فإن الله يقول: {وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ومعلوم أنهم إذا سبُّوا الله فإنهم يسبونه عدوًا بغير علم، بل نعلم أن الله ـ عزَّ وجلَّ ـ منزه عن كل عيب، ونحن إذا سببنا آلهتهم، فقد سببناها بحق، ومع ذلك نهى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ عن هذا الحقِّ خوفًا من هذا الباطل العادي؛ لأنه شر، وبناءً على ذلك فإذا رأى الداعية شخصًا على أمرٍ يرى هذا الداعية أنه باطل، وصاحبه يرى أنه حق، فليس من طريق الدعوة التي أرشد الله إليها نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلّم أن يقدح فيما هو عليه، من مذهب أو نحلة؛ لأن ذلك ينفره، وربما يؤدي إلى أن يسب ما أنت عليه من الحق؛ لأنك سببت ما هو عليه من الباطل الذي يعتقده حقًّا، ولكن الطريق: أن أبين له الحق، وأشرحه له؛ لأن كثيرًا من الناس، ولا سيما المقلدون، قد يخفى عليهم نور الحق.. بما غشيهم من الهوى والتقليد، لذلك أقول: يبين الحق ويوضح، ولا شك أن الحق تقبله الفطر السليمة؛ لأنه دين الله وشرعه.. فلابد أن يؤثر هذا الحق ... أن يؤثر في المدعو.. لا أقول: إنه يؤثر في الحال؛ لأن هذا قد يكون من الأمور الصعبة.. لكن قد يؤثر ولو بعد حين.. قد يفكر هذا المدعو فيما دُعِيَ إليه، مرةً بعد أخرى حتى يتبين له الحق، فالمهم أن الداعية لابد أن يكون ذا بصيرة بما يدعو إليه في الأسلوب الذي يدعو إليه الناس؛ لأن هذا أمر مهم بالنسبة لقبول الدعوة ورفضها..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015