إذ اعتمد هذا الباحث على مقولة الإمام مالك بن أنس (ت 179 هـ) التي مفادها: " أنه لم يكن مع ابن شهاب كتاب إلا كتاب في نسب قومه" (?) .
إن هذا الرأي لا ينفي مطلقا كون الزهري قد دون بعض أخبار الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في صحف أو دفاتر اعتمد عليها من أتى بعده بدليل أن معمر بن راشد الذي يعد من أحد رواة أحاديثه، قد قال: " كنا نرى انا قد أكثرنا عن الزهري حتى قتل الوليد فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من علم الزهري" (?) .
وقد طعن الزهري لكثرة تقربه للأمويين ومجالسته لهم، إذ وصف بالقول:
" أي رجل الزهري لولا أنه أفسد نفسه بصحبة الملوك" (?) ، وأن التقرب لدى الحكام كان يعدّ مثلبة تسجل على العلماء، حتى صرح الإمام جعفر بن محمد الصادق (ت 148 هـ) بالقول معقبا على هذا الأمر: " الفقهاء أمناء الرسل فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتهموهم" (?) ، ولهذا الأمر كان الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) (ت 94 هـ) كثيرا ما كان ينصحه بترك علاقته تلك مع الأمويين وانعكاسها على سمعته كعالم له مكانته حتى بعث له برسالة طويلة بين فيها مساوئ العلاقة بين الحكام والعلماء لأن الحكام يتخذون العلماء مقصدا يلتمسون منه كسب رضا عامة الناس وإيجاد من يسوغ لهم