عودة الوزيرين الأجنبيين إلى الوزارة، فرفض الخديوي ذلك وأحس الدائنون أن هناك خطرًا على أموالهم في مصر ما بقي الخديوي على رأس الدولة يشجع بذكائه وقوة إرادته الحركة الوطنية وصحافتها على مناضلة خصوم مصر في الأجانب والمصريين جميعًا.

وارتبط هذا النشاط الوطني بدفاع الصحافة عن حقوق مجلس النواب عند نظر الميزانية، وأبى بعض الصحف الفرنجية إلى الحملة على الخديو وحكومته، ولم تبد تركيا أي ميل لمعاضدة إسماعيل أو تشجيع الحركة الدستورية في مصر، وقد تجمعت كتلة من العيون والعلماء ورجال السياسة وراء إسماعيل تنصره في موقفه أمام الأوربيين، ولم تكن الصحف تؤآزره هو ذاته بل إن بعضها كمرآة الشرق دأبت على التعريض بأمراء الأسرة وحكام الأقاليم الذين عينهم إسماعيل؛ ذلك لأن الصحافة كانت تمقتهم، فقد اعتبرتهم علة شقاء مصر وبلائها وتحدثت في ذلك حديثًا مستفيضًا لما تم عزل الخديو في 26 يونيه سنة 1879.

فأما "الوطن" فقد حمدت الله على عزل الخديو ونفيه وذكرت في 5 يوليه أن الله "جلى عن الأمة الظلم والظلمة والغمة فشكرًا لله على تأديبه لعبادة ثم لطفه بهم وإزاحته للكروب عن قلوبهم" ثم تتحدث عن رحيل الخديوي وتعقب قائلة: "إن ألد أعداء هذا القطر هم الذين ألغوا لائحة ولسن وسعوا في عزله وعزل المسيو دي بلنيار بل في عزل الوزراء الوطنين أصحاب الرأي الناجح والعقل الراجح".

ثم تحمل على الأعيان والنواب الذين سنوا لائحة وطنية تغاير لائحة ولسن، تصور المصريين وهي في الحق تصور نفسها حين تزعم أنهم "ودوا أن يتخلصوا من هذا الرياق ويفك عنهم هذا الخناق غير أن نهض للحزب الوطني حسب وهمه أن يخلص البلاد من الظلم والتهلكة" ثم تتهم هؤلاء الوطنيين بأنهم "شرذمة قليلة من الناس" وأخيرًا تحمل على مجلس النواب الذي أيد اللائحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015