وهي أقوال بذيئة جارحة لولي الأمر ومثبطة للعزائم الوطنية، وفطنت إدارة المطبوعات إلى قصدها فوجهت إليها إنذارًا على "نشر أخبار غير صحيحة دون أن يراعي فيها الحال والزمان ... فإن الاستمرار على هذا السير في هذا الأوان مما يكدر الخواطر ويشوش الأذهان ولا يترتب عليه منفعة لأهل الوطن كما هو الغرض الأصلي بل ينتج منه ضرر بين يسبب تعلق الأفكار بما لا يغني"1.
وليست الصحف العربية وحدها التي اضطرب موقفها هذا الاضطراب فانقسمت أحزابًا بل بينها صحف فرنجية كانت في أكثرها خصمًا للخديوي وحكومته الجديدة وفي مقدمة هذه الصحف الأجنبية في جريدة لاريفورم " Lo Reforme" فقد دأبت على تسفيه الرأي العام المصري ورواية الأخبار الكاذبة عنه وتشويه حركاته السياسية السليمة فادعت أن بعض الذوات قد أمضى اللائحة الوطنية مقابل أربعة آلاف جنيه على سبيل الرشوة، وأن غيرهم من النواب ذهبوا إلى القنصل الإنجليزي يؤكدون له بعدهم عن هذه الحركة وأن كثيرين من سراة الأقاليم وعيون مصر أبوا التوقيع على هذه اللائحة مخافة أن يعود إلى مصر استبداد إسماعيل.
وردت عليها "التجارة" ردًّا حازمًا فكذبت كل ما جاء في مقال لاريفورم وحملت عليها حملة شعواء2، ومن غريب المصادفات أن تكون مكاتبات القناصل لوزراء خارجيتهم متفقة مع المعاني التي أعلنتها الصحف الأجنبية في مصر، فنجد قول قنصل إنجلترا عن جبي الضرائب بالسوط وإسراف المديرين الذين فصلهم ولسن في جبيها واقتراض الفلاحين لتسديدها نجد هذه المعاني منشورة في تلك الصحف.
وتكاد جريدة "التجارة" أن تقف وحدها في الميدان الوطني تقارع خصوم الوطن من الأجانب والمصريين ومن صحف الأجانب والمصريين أيضًا،