وفي هذه اللحظة قامت الحرب التركية الروسية وكان لها آثار بعيدة المدى على تفكير الناس واتجاه الصحافة الشعبية، فقد كانت هذه الحرب أول مسألة خارجية اهتم بها المصريون؛ لأنها تتصل بأمر الدولة صاحبة السيطرة عليهم وهي في كفاح مع دول أخرى، وكان الأجانب في مصر يتناولون الصحافة الأوربية الواردة من الخارج وفيها من تفاصيل الحرب ودقة الأخبار ما يخرى بقراءتها، وهؤلاء الأجانب أصحاب مصالح عند خاصة المصريين وعامتهم فكانوا يتحدثون إليهم بهذه التفاصيل.
ولم تجد الصحف الشعبية بدًا من إرواء ظمأ قرائها بنشر تفاصيل هذه الحرب، فقلدت الصحافة الغربية وانطلقت في إيراد الحوادث ونشرها، وظهر من بين السطور ميلها إلى ما كانت تأتي به العساكر الروسية من ضروب الشجاعة، كما ظهر ازدراؤها لما كان ينسب إلى الجنود العثمانية من التهاون، واختلفت الناس في أمر هذه الصحف واستقبلوها بين منفر ومحبذ، وقد نشأ عن هذه الحرب، أن استحدثت صحف لنشر أخبارها، ونشطت هذه الصحف الجديدة في رواية الأخبار والتعليق عليها ومعارضة الصحف القديمة في الرأي والمذهب حول هذه الحرب، واشتدت المنافسة بينها، وكان المجادلات الصحفية في ذلك الوقت أول حدث في تاريخ الصحافة الشعبية، وبذلك تغير الاتجاه الصحفي التقليدي في الاقتصار على تافه الأخبار وعنها.
وأهم ما أثر عن هذه الحرب1 أنها لفتت الصحف المصرية إلى الدول