أنشأ الخديو شتى المدارس التي كان لها فضل النهضة الأدبية والفكرية في عصره وفي عصور خلفائه من بعده، فشهدت مصر لأول مرة مدرسة الهندسة في سنة 1866 وعوض عن مدرسة الحقوق بمدرسة الألسن التي لم يستسغ وجودها عباس الأول وشغل ديوان المدارس بأمر اللغة العربية، كما لاحظ الخديوي نفسه إهمالها في مصالح الحكومة، فرأى من ناحيته أن يرد لها اعتبارها فأمر بأن "المكاتبات التي تتداول من الآن فصاعدًا بكافة الدواوين والمصالح الميرية التي بداخل جهات الحكومة تكون باللغة العربية"1.

ولما كانت لغة الداوين في ذلك الوقت ركيكة العبارة ضعيفة الأسلوب شاء الخديوي أن يقود أمر إصلاحها في مصر، دواوينها ومدارسها فأمر بإنشاء مدرسة دار العلوم.

ولم يقف نشاطه عند هذا الحد من التجديد فأوحى إلى إحدى زوجاته أن تتولى أمر تعليم البنات فأنشأت لهن مدرسة كان عدد طالباتها أربعمائة فتاة2 ثم افتتحت مدرسة أخرى في العام التالي، ولم يبق من أنواع المدارس نوع إلا أقام الخديوي صرحه، فأسس مدارس للصناعة والمساحة والمحاسبة والزراعة، هذا بجانب ما أنشئ من المدارس الحرة التي لقيت عطفه وبره كمدارس الأقباط والمدارس الأوربية المختلفة.

أتكون هذه النهضة العلمية الضاربة في كل علم، الآخذه بكل فن من غير وسيلة تعبر عنها كما عبرت عن جزء منها يعسوب الطب؟ ما كان يمكن للصحافة الرسمية اكتمال من غير إنشاء الروضة لمدارسها، وهي مجلة أنشأها علي مبارك باشا في سنة 1870 في وقت كان يلي فيه شئون التعليم، فهي صحيفة ديوان المدارس تنفق عليها الحكومة، وكان الغرض من إنشائها النهوض باللغة العربية وإحياء آدابها ونشر المعارف الحديثة، وقد ألقيت مقاليد أمورها إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015