ويعاونه على نشر أفضل المسائل الطبية كما يكون مجالًا يتبارى فيه الأطباء بإنشاء الموضوعات المفيدة، فأصدر مجلة "يعسوب الطب" وهي أقدم الصحف الطبية في الشرق كله، على أن تشرف عليها الحكومة المصرية، وتمدها بالمال، وقد قامت المطبعة الأميرية بطبعها، ومضى يحررها محمد علي باشا الحكيم كبير الأطباء المصريين، وهي ترجو -كما تذكر خطتها- "أن تقدم لمطالعيها من رياض الطب وأزهاره ما يغنيهم عن الرجوع إلى مطولات الكتب وشروحها أو المجلات الأجنبية وفصولها الطوال كما يجني اليعسوب وهو أمير النحل في دولته موارد العسل من أزاهير الرياض، وكان شعار المجلة: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}.
وكانت موضوعاتها طريفة تغري بالقراءة حقًّا1 فلم تتعرض للمسائل الصحية الجافة، وكانت تعالج الموضوعات العلمية في أسلوب يدركه القارئ العادي، وقد ساهم في تحريرها الأطباء المصريون والفرنجة، ومنح الشيخ إبراهيم الدسوقي علاوة على راتبه مائة وخمسين قرشًا مقابل قيامه بتصحيح قصول الأطباء الأجانب2، ومن أهم ما حملته هذه المجلة الفصول التي كتبتها القابلة جليلة تمرهان، وهي فيما نعلم أول مصرية تكتب في الصحف موضوعًا وموضوعًا فنيًّا بالذات، وأكبر الظن أن المجلة كانت توزع على الأطباء وطلاب الطب في مصر جريًا على ما اتبع مع مثيلاتها وطلبًا لتحقيق الفائدة منها.
وكذلك أصبحت الجريدة العسكرية المصرية الصحيفة الرسمية الثانية التي أنشأتها حكومة إسماعيل في سنة 1865 باستثناء الوقائع المصرية، ومن سقط القول أن نقدم لإنشائها بحديث عن النهضة العسكرية في ذلك الوقت، فذلك أمر يعرفه كل من درس عصر إسماعيل وألم بأطرافه وعدد المدارس التي أنشئت لتعليم الفنون العسكرية وما أنشئ معاونًا لها من المدارس، غير البعثات الحربية