ثم أصدروا جريدة الجمهورية وولى أمرها الضابط أنور السادات وجندت لها أقلام ضخمة ومعروف أصحابها بمكانتهم العلمية والأدبية التي لا يمارى فيها أحد، وفي مقدمتهم الدكاترة طه حسين ومحمد مندور ولويس عوض، وقد بقي توزيعها محدودًا بالرغم من هذه الأسماء الضخمة التي وظفت فيها، ولم يتسع انتشارها إلا في أزمة مارس التي نشأت إثر خلاف بين محمد نجيب وأعضاء مجلس الثورة سنة 1954 حول العودة بالبلاد إلى حالتها الطبيعية في ظل دستور جديد، وقد انتصر محمد نجيب أول الأمر فألغيت الأحكام العرفية ورفعت الرقابة عن الصحف، وأطلق سراح المعتقلين من الإخوان المسلمين والشيوعيين والوفديين، وبدت البلاد وكأنها في طريقها إلى الاستقرار في ظل الحرية والديمقراطية، وهنا قرأنا في الجمهورية دراسات ممتعة عن الدستور ونظام الحكم، ومجادلات عنيفة بينها وبين جريدة المصري.

ولما انتكست الدعوة إلى الحرية والديمقراطية نتيجة اصطناع مظاهرات قام بها العمال تنادي بسقوط المتعلمين والحرية والسنهوري الجاهل1، وأضرب عمال النقل حتى شلت الحركة في البلاد، عندما تم ذلك أخذت الجمهورية حجمها الطبيعي، فكانت -ولا تزال- أقل الصحف الصباحية انتشارًا2.

وظهرت صحف الثورة في حجر الثورة، فكانت مجلة التحرير وجرائد الجمهورية والشعب والثورة وغيرها تمولها الدولة باسم هيئة التحرير، وهي كيان حزبي نشأ أيضًا في حجر الثورة وكان معزولًا عن الجماهير، وأريد به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015