وكانت "المقطم" الصحيفة الشامية الثانية التي صدرت منذ أكثر من ثمانين عامًا في حجر الإنجليز، ومضت لسانًا لهم بالحق والباطل، ومطية لكل حكومة تحكم البلاد.

وكانت هناك صحف ومجلات أخرى معظمها ألسنة لأحزاب الأقلية تعالج الأمور السياسية والاجتماعية والاقتصادية كالبلاغ والسياسة والدستور والكتلة وغيرها وإن لم تبلغ إحداها شأو ما ذكرنا من صحف، كما ظهرت إبان الفترة التي نعرض لها في هذا الفصل صحف تمثل المذاهب الاجتماعية الجديدة، كالاشتراكية والشيوعية وفي مقدمتها صحف أحمد حسين وهي مصر الفتاة والاشتراكية والشعب الجديد والصرخة والضياء والثغر.

كما ظهرت في عهد الحكومة الوفدية الأخيرة "1950 - 1952" أخطر الصحف اليسارية، ومنها: الملايين، والجمهور العربي، والفجر الجديد، وكانت حرية الصحافة في ذلك الوقت قد بلغت عصرها الذهبي، إذ رفعت الحكومة عن كاهل الصحف الرقابة وألغت الأحكام العرفية، ولم تصادر صحيفة إلا بحكم قضائي، ولم تمنع صحيفة من الصدور، وكانت تراخيص الصحف تمنح بلا عائق بالرغم من علم الحكومة بأن جميع الصحف الجديدة تمثل جبهة تعارضها وتتحداها، وتهاجمها في قسوة وعنف وفي شيء من التجني أحيانًا.

وكانت تلك الصحف الشيوعية أو اليسارية لا تؤثر في الكتلة الشعبية الضخمة التي تدين بالولاء لحزب الوفد، وإنما كان تأثيرها واضحًا وملموسًا في بعض بيئات المتعلمين، وكانت صحفًا لا ينكر فضلها في علاج المشاكل الاقتصادية والدفاع عن العامل والفلاح، ومهاجمة الحكومة والملك والإنجليز بعنف منقطع النظير، وفي شجاعة دفعتها إلى المطالبة بثورة تطيح بالنظام، الأمر الذي عرض أصحابها للمحاكمة التي أنصفها فيها القضاء، وقد شاركها في المطالبة بإصلاح حال الكادحين بعض صحف الحكومة الوفدية كالمصري،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015