ولم يقف نشاط المترجم عند الصحف يصدرها، ويجدد في مناحيها، ويبسط عليها من روحه الجديد في جميع جوانبها، بل ساهم مع المساهمين في الدعوة لتصفية العلاقات المصرية الإنجليزية، واضطره هذا إلى التغيب عن صحيفتيه فترة اعتراهما فيها اضمحلال عجزت قدرة صاحبهما البارعة عن إقالتهما من عثرتهما فعاد إلى الصحافة وانتظم في سلك محرري جريدة "المؤيد" من جديد.

وقد أمضى حافظ عوض عامين في "المؤيد" فكان دعامة من دعائمها القوية، وموضعًا لثقة صاحبها، ثم تقرر أن يسافر الخديوي عباس الثاني للحج إلى بيت الله الحرام، فندبته جريدة "التيمس" ليكون مراسلًا لها في حجة الخديوي تلك، وعلى صفحاتها قرأ الناس فصولًا ممتعة عن هذه الرحلة التي عرفت الإنجليز على دين المسلمين من ناحية، وأوضحت سيرة الخديوي الوطنية من ناحية أخرى، وكان لمقالاته أثر عظيم في نفسية عباس الثاني، فقربه منه وعينه في ديوانه الخديوي، ومنحه الرتب والنياشين، وتعذر على الوشاة والحاسدين أن يقصوه عن مكانه، حتى تدخل المعتمد البريطاني مهددًا متوعدًا فاستقال، وعاد ليشرف من جديد على صحيفة "المؤيد" التي أصبحت شركة مساهمة قبيل وفاة صاحبها بقليل، وبقي وده متصلًا بصاحب العرش حتى إنه صحبه في رحلته إلى الوجه البحري في سنة 1914 وسجل هذه الرحلة في "المؤيد" ثم طبعها في كتاب صادرته السلطات العسكرية الإنجليزية إبان الحرب العظمى الأولى، ولم يبق منه إلا نسخة واحدة تحتفظ به دار الكتب المصرية منذ سنة 1948.

وقد اعتقل أحمد حافظ عوض بك خلال الحرب العظمى الأولى، فلم يضيع وقته سدى، إذ عكف في أثناء الاعتقال على وضع مؤلفه الكبير عن "فتح مصر الحديث" وهو عمدة يمكن الرجوع إليه في تاريخ مصر الحديثة، ويعتبر بحق من خيرة الكتب التي نشرت في هذا التاريخ، وله بجانب هذا السفر الجليل دراسات أخرى مطبوعة أو منشورة في رسائل قصيرة أو على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015