لم يشر واحد منها إلى احتجاج على احتلال أو مطالبة بدستور، غير أن هذا الخلاف قد ترك لنا ثروة أدبية طيبة، فقد أنتج الأدباء والشعراء روائع الأدب وبدائع الشعر في تأييد وجهات النظر المتباينة، وترك لنا كتبًا عربية وفرنجية1 أرخت الخلاف ومصادره ونتائجه.
ومع أن الخلاف كان شديدًا جدًّا بين صحافة العنصرين فإن إنذار الوطن قد ساء الصحف جميعًا، وهو موقف نادر بين تلك الصحف وغريب في مثل هذا الوقت، ويجمل هذا مكاتب "التيمس" في 17 يناير سنة 1911، بقوله: "وقد أحدثت هذه الحادثة حركة كبيرة في الصحافة المصرية من وطنية وأجنبية ولعل السبب في ذلك أن أسخط الصحافة عام على قانون المطبوعات؛ لأن جرائد مصر مهما تباينت مبادئها واختلفت مذاهبها تتفق على انتقاد هذا القانون وتقييد حرية الصحافة به"2، والأصل في هذا الإنذار أن "الوطن" نشرت مقالات عارضت فيها قرار الحكومة القاضي بطبع بعض الكتب العربية القديمة، ودارت في ذلك مناقشات حادة بين "الوطن" والصحف الإسلامية.
وكان من حزب الجريدة القبطية "ذا إجبشيان جازيت" لسان الجالية البريطانية، وكذلك اتخذت جانبها "لابورص إجبسيان La رضي الله عنهourse صلى الله عليه وسلمgyptienne لسان الجالية الفرنسية، وسمت إنذار الحكومة للوطن عودًا إلى القرون الوسطى ولا يجوز أن ينعقد مجلس النظار لمثل هذا في القرن العشرين، وسار على هذا النهج معظم الصحف الأجنبية مواسية "للوطن" في محنتها "كلاريفورم" و"ليجبت" نصيرة المسلمين كما يسميها قرياقص في كتابه3 وانتصرت لها أيضًا الصحف الإسلامية وعلى رأسها "اللواء" بالرغم من أن الإنذار كان نتيجة لخلاف بينها وبين "الوطن"، غير أن "اللواء" تحتج على الحكومة وتأبى عليها التدخل في شئون الصحافة ولو كان تدخلًا ينصر الصحف الإسلامية