جميعها في هذا الموضوع، وأكثر ما في هذه المشكلة غرابة موقف الإنجليز ثم موقف جريدتي "الأهالي" و"المقطم".
ولقد كان معروفًا أن أكثر الصحف الفرنجية في مصر تناصر الأقباط في حركتهم، وكان معروفًا أيضًا أن الصحف المصرية الإسلامية جميعًا وبلا استثناء تجادلهم بالعنف وتحمل عليهم أشد الحملات، أما الإنجليز فموقفهم غريب حقًّا فصحاتهم في مصر وإنجلترا تزيد لهيب هذا الخلاف إذ يذيع روتر في 26 يناير سنة 1911 حديثًا للسير جورست بأن "الأقباط والمسلمين يعيشون في سلام لو تركوا وحدهم"1 وتقول "التيمس" عن جريدة "الوطن" "إن لهجتها مازالت شديدة ومهيجة منذ إعدام الورداني" ثم تعقب على إنذار الحكومة للوطن "وأهم من مسألة إنذار "الوطن" اغتنام الأقباط هذه الفرصة لبسط شكاواهم للرأي العام وللحكومة البريطانية نفسها" ثم تعلق على مطالبة الأقباط بوظائف المديرين "إن القدرة على معاملة الناس التي هي صفة من صفات الحاكم الإداري الضرورية ولا سيما في المديريات لم تكن يومًا من الأيام من الصفات القوية للأقباط"2 وفي موقف جورست والتيمس ما يغري بالحكم بأن الإنجليز الرسميين كانوا في جانب الحركة الإسلامية، وهذا في الواقع لون من السياسة لم يفت مؤرخي ذلك الزمن فعلقوا عليه بالملاحظة والتفنيد.
أما جريدة "الأهالي" لصاحبها عبد القادر حمزة فكانت صحيفة معتدلة لم تخل من حملة جريدة "الشعب" عليها3 ومع أنها صحيفة شبه رسمية وشديدة الصلة برئيس الحكومة وأول من دعا إلى عقد مؤتمر للمسلمين إلا أنها كانت تعالج الخلاف برفق4 حتى أن الوطن ذكرتها وهي تهاجم الصحف الإسلامية