هذا النقاش الصحفي إلى خصومة عنيفة بين المسلمين والأقباط كان صداها في تلك البرقيات التي أرسلت من المسلمين إلى ناظر الداخلية ليحاكم صاحب "الوطن"، كما أرسلت برقيات مماثلة من الأقباط يحتجون على عبارات "اللواء": "بإحساسات مجروحة يلتمسون من عطو فتلو أفندم ناظر الداخلية وجناب المعتمد البريطاني بسرعة ملافاة الأمر قبل استفحاله" وكاد الأمر يستفحل حقًّا فقد دعا الأقباط إلى اجتماع بحديقة الأزبكية كادت تحدث فيه فتنة، وذهب كثيرون إلى المفوضية الفرنسية يشكون الشيخ جاويش على اعتباره من رعايا فرنسا التونسيين1.
وقد استطاع الحزب الوطني أن يرأب الصدع ويقف هذا التيار بمجهود العقلاء والحريصين على وحدة البلاد، غير أن السياسة الإنجليزية ما فتئت تخلق المنازعات بين العنصرين، وأظهر ما صنعته في هذا الميدان تعيين بطرس غالي باشا للنظارة، وتتحمل "الوطن" و"مصر" خاصة وزر العودة إلى الموضوع كما تتحمله أيضًا الصحافة الوطنية الإسلامية، فقد كان اتجاهها إسلاميًّا محضًا، حتى الصحف التي صدرت معارضة للحركة الوطنية وموالية أشد الموالاة للاحتلال جعلت من أسس حياتها الأولى الناحية الإسلامية، وقدر أن يكون على رأس الصحفيين الوطنيين رجل متحمس كعبد العزيز جاويش وصل السياسة بالدين وجعل للدين أثرًا في السياسة العامة، وقد أعقب فترة الهدوء بين العنصرين مقتل بطرس باشا فأثار هذا الحادث أوار النار من جديد.
ونحن نقرر في جزم أن بعض الصحف المسيحية تتحمل أكبر قسط من المسئولية في استئناف هذا الموضوع، فقد عادت "الوطن" إلى التحدث فيه تحت عنوان "هنا وهناك"2 وأخذت تسب اللواء "المرذول جريدة حزب الخراب والشر" ثم تستعيد ما نشر في صحيفته في ظروف مماثلة، ومع أن