وقد اتجه اللواء اتجاهًا آخر قد لا يتفق معه كثيرون من أبناء جيلنا الحالي الذي لا يؤمن برجعية المرأة ويحب لها التصرف في الشئون تصرف الرجال أو يعتدل فيرجو لها بعض الحقوق التي أبتها "اللواء" في مقالاتها الاجتماعية بين آن وآن، وأظهر هذه المقالات الرجعية صحيفة نشرها محمود سلامة الأديب المعروف وفيها يدعو إلى الحجاب والحجاب الثقيل، ويعيب على جيله نشاطه في خصومة الحجاب وتجاوزه إلى حرية يراها مسيئة إلى حياة الأمم والشعوب1.
وبجانب هاتين الناحيتين اللتين أبدينا فيهما بعض الملاحظات العابرة نذكر صفحات "للواء" لم تكن معروفة ولا معهودة بين معظم صحافة ذلك العهد، فقد شغل "اللواء" صفحاته بأمور التعليم والتعليم الشعبي الذي ينبغي أن يقوم على أكتاف الشعب ليحس أثره الشعب نفسه فتتحقق أغراضه في الحرية والاستقلال، وقد استطاع مصطفى كامل أن يجعل من هذا الموضوع علما يجتمع عنده الوطنيون على اختلاف مذاهبهم وتباين حماستهم، فشرعوا ينشئون المدارس ويفكرون في جامعة مصرية تنشئ الشباب تنشئة يعجز أمامها الاحتلال إذا طلب السلامة أو أبى الجلاء.
ثم أراد اللواء أن يظهر مشاعر المصريين ويوقظهم من غفوتهم فدعا إلى الاحتفال بالعيد المئوي لولاية محمد علي مصر، وهو يدعو هذه الدعوة فيرضي القصر وصاحبه، ولا تستطيع قوى الاحتلال أن تحول بين المصريين وبين الاحتفال بذكرى جد الوالي الشرعي على البلاد، ويقصد "اللواء" بهذه الدعوة أن يستعيد التاريخ المصري الحديث وفيه من المعاني الوطنية ما يوقظ إحساس الأمة مهما عليها الغفلة أن انقطع بها الرجاء2.