بدأت الجريدة البريطانية المصرية في فتح السودان، ووقفت "المؤيد" موقف الخصم لهذه الحملة مبينة ما فيها من خفض سلطان المصريين عليها، وقد دأبت على نشر أخبار الحملة برقًا، ومن بينها البرقيات الدائرة بين الحربية وقادة الحملة، وفيها من الأسرار ما يهز جوانب العملية الحربية الدائرة1 فقدمتها الحكومة للقضاء ولكنه برأ ساحتها وأنقذ محررها.
وظهرت المسألة المصرية من جديد باحتلال الفرنسيين "فاشودة" في جنوب السودان وهي من أملاك مصر، وتحرجت الأمور بين انجلترا وفرنسا، وظن الوطنيون المصريون أن فرنسا ستعلق إخلاء فاشودة على جلاء الإنجليز عن مصر، وفي ذلك كتبت الصحف المصرية وخطب مصطفى كامل وأعادت "الأهرام" و"الوطن" و"المؤيد" تاريخ الاحتلال البريطاني، ونشرت وعود الجلاء التي صدرت من الإنجليز المسئولين إلى سنة 1898 غير أن هذا الحادث الذي بنى عليه المصريون آمالهم قد انتهى بانسحاب مارشال من فاشودة واستيلاء كتشنر عليها، ولم توضع المسألة المصرية موضع البحث من جديد.
ومنذ حادث "فاشودة" بدأ الإنجليز يشتدون في معاملة المصريين ولا يتحرجون من إساءة الخديوي فعزلوا النائب العام المصري حين فتش منزل صديقهم السيد توفيق البكري الذي نشر قصيدة ضد عباس الثاني ونصبوا مكانه إنجليزيًّا، فقامت "المؤيد" على رأس الصحافة تحمل على هذا التصرف الذي من شأنه أن يخل بواجب المصريين نحو مليكهم الشرعي ويجعل الموظفين منهم عرضة للرفت أو عرضة لإهمال واجباتهم خوف الاحتلال وإذلاله.
لم تعد الصحافة المصرية منذ حادث فاشودة تعتمد كل الاعتماد على قوة أجنبية لترد لمصر استقلالها وتفرض على الإنجليز جلاءهم عنها، فأصبحت الصحف الوطنية تستنفر الهمم المصرية؛ لتحقيق الأماني القومية، وهي تطلب إلى المصريين أن يضعوا نصب أعينهم هذه الحقيقة الماثلة، وكان ممثل هذا