مخالبها فما بالك بدولة بريطانيا المتمدنة المشهورة بحسن السياسة ومزيد الكياسة ودهاء الرجال وسداد الأعمال فهل يظن أن يقابل معروفها بالغمط والكفران".
كان من الغريب حقًّا أن تلغي جريدة "الوطن" وهذه هي سياستها وهي سياسة موالية أشد الولاء للإنجليز ورجالهم من المصريين، وأكبر الظن أن عقابها كان فجًّا وعلى غير أساس؛ لأنها عادت إلى الحياة بعد يومين من صدور أمر الإغلاق2، ومن الحوادث الصحفية التي أغفلها كرومر في تقريره إغلاق "مرآة الشرق" بقرار من مجلس النظار وهي من الصحف الوطنية القديمة التي طبعت بطابع الإخلاص والتضحية والمعارضة للاحتلال ورجاله وتعريب ما يقال فيهم من سوء، وكذلك ألغيت جريدة "الزمان" بقرار من مجلس النظار في 29 يوليه عام "1886"3 وأنذرت "الصادق" بقرار من وزارة الداخلية في 25 سبتمبر؛ لأنها نشرت مقالة تضمنت "كثيرًا مما يشوش الأفكار ويخدش الأذهان"4 وهذه الجريدة من الصحف المعارضة للاحتلال، وقد أنشئت بإيعاز من مختار باشا الغازي المعتمد السلطاني في مصر بعد تعطيل "مرآة الشرق" وكلتاهما من الصحف التي تربطها بتركيا وسياستها أقوى الروابط5.
هذه هي بعض حوادث الصحافة المصرية العربية في السنوات الأربع الأولى من الاحتلال البريطاني، وكانت جديرة بأن يتحدث اللورد كرومر عنها لا أن يهملها ويهمل ما جاء بعدها من الحوادث الخطيرة في حياة الصحف