كثيرة "كالفسطاط"1 والسفير والنجاح2.

بيد أن هذه الصحف جميعًا لا تبلغ في مكانتها ولا في خطرها ولا في إنشائها وتحريرها ما بلغته جريدة "الطائف" التي كان يحررها كاتب حاد الطبع نابغ في الإنشاء وهو عبد الله النديم، خطيب الثورة وكاتبها غير منازع، كانت صحيفته في أول أمرها تحمل على المساوئ الاجتماعية العامة كالمواخير والحانات والمراقص التي غزت القاهرة في ظل الامتيازات وتحت حمايتها.

والنديم صحفي ممتاز كثيرًا ما نشر المقالات الرائعة في جريدتي "المحروسة" و"العصر الجديد" اللتين كان يصدرهما سليم النقاش فجاء فيهما بالمعجب والمطرب، وكنت له صحيفة أدبية رائعة تسمى "التنكيت والتبكيت" أصدرها في 6 يونيه عام 1881 في حجم كتاب عادي "صحيفة وطنية أسبوعية أدبية هزلية" وهي مجلة كما يقول: "هجوها تنكيت ومدحها تبكيت ولغتها لا تلجئك إلى قاموس الفيرزآبادى ولا تلزمك مراجعة التاريخ ولا نظر الجغرافيا" وسخريتها "نفثات صدور وزفرات يصعدها مقابلة حاضرنا بماضينا" وهي في مجموعها مقالات اجتماعية عن الحياة في مصر.

انتقلت "الطائف" من المقالات الاجتماعية الخالصة إلى الموضوعات السياسية العميقة والأخبار المهمة التي تميزت بها في عهد الثورة حتى إن معظم الجرائد المعاصرة نقلت عنها أكثر ما نشر، واحتفظت "التنكيت والتبكيت" وهي صحيفة نديم الثانية بموضوعات الأدب والاجتماع، وكان من أهم وظائف الطائف الدفاع عن الثورة ورجالها وقد احتفى بها رجال الثورة وأنصارها فاشترك لها النواب بمبالغ كبيرة وأصبحت لها لسانًا فيه من العنف والشدة ما اضطر الشيخ محمد عبده إلى تعطيلها شهرًا3 وقد اتخذ عطف الهيئات عليها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015