يعنف محرر "المفيد" في مقالاته وهو لسان جامح من ألسنة الثورة، وكان طبعيًّا أيضًا أن تتبرم به حكومة شريف؛ لأنها ترجو الهدوء والاتزان، لذلك جمعت في معاملتها للمفيد اللين والشدة معًا لترضي الوطنيين والأجانب على السواء، فعطلت "المفيد" أسبوعين فقط وبذلك أرضت الدوائر الأجنبية ثم أرضت الدوائر الوطنية بهذا العقاب الهين، ويظهر قدر "المفيد" بين صحف العصر من حزن زميلاتها على تعطيلها فقال كاتب "المحروسة": "ساءني صدور الأمر بتعطيل جريدة "المفيد" أسبوعين فإن محررها في الجريدة نير الفكر قويم المشرب لا يظهر بما يخالف المصلحة أو يخرج عن الحد .. وفي مأمولي أن "المفيد" يصدر من بعدها بمزيد الفائدة ويكون في مقدمة الجرائد الداعية إلى الوحدة الوطنية الناهية عن الإحن والعداوات المذهبية العاملة على علم بأحكام الحرية"1.
وتساهم "الأهرام" فيما شغل البلاد من أحداث دون أن تتطرف في رأي أو تتجاوز أسلوبها المأثور عنها بكلمة نابية أو تعبير شاذ، وتعالج الأمور بروية، ولا تغفل أحداث البلاد الخارجية فتنشر الكتب والمقالات الطوال عن البوسنة والهرسك وروسيا وألمانيا كما أنها تنقل رأي الغرب في الشئون المصرية وتأخذ ذلك عن الصحف الفرنسية والإنجليزية، ثم ينشر المحرر رأي الحكومتين الإنجليزية والفرنسية في الحركات السابقة على تأليف الوزارة الشريفية وموقفهما الجديد "لكبح كل حركة" وهي تنذر العرابيين "وسعادتلو أحمد بك عرابي" بالذات2.
وقد عمدت "الأهرام" إلى التحدث عن أوربا وتقدمها من الناحيتين المادية والأدبية، وقابلت بينها وبين تركيا، فأفرطت في ذكر المساوئ التي