في أول سنة 1930، وكان ذلك عن طريق الانتخابات، ورعاية نصوص الدستور؛ ولكن قوى العدوان ما لبثت أن أطاحت به، وجاءت بصدقي بعد شهور من نفس العام، وكان هذا الانقلاب -ككل الانقلابات السابقة- عن طريق تعطيل البرلمان والعبث بالدستور، بل إن هذا الانقلاب قد أضاف إلى التآمر العدواني تزييف دستور خادع يسلب الأمة حقوقها، ويضع مقدراتها في قبضة القصر، كما أضاف إلى ذلك تشكيل برلمان شائه يزور إرادة الشعب ويحل محلها إرادة خصوم الشعب1، وبعد نضال أطول وجهاد أشق أتت القوى الوطنية بمصطفى النحاس إلى وزارته الثالثة في مايو سنة 1936، وكان ذلك -كما حدث دائمًا- عن طريق الانتخابات ورعاية الدستور، غير أن قوى العدوان أطاحت به في العام التالي، وجاءت بمحمد محمود عن الطريق الذي سلكته دائمًا تلك القوى العدوانية، وهو طريق العبث بإرادة الشعب الممثلة في برلمانه، والزراية بحقوقه المسطرة في دستوره2.
هذا، وقد نجحت قوى العدوان أخيرًا في تحويل البقية البقاية من الزعامات الوطنية، التي كانت تتصدر النضال الوطني في تلك السنين، فانحرفت عن الطريق القويم، وتورطت في مهادنة القصر، وفي الاستسلام للإنجليز، هذا الاستسلام الذي أكدته معاهدة 36، التي أبرمت بين مصر وبريطانيا، واشترك في توقيعها عن مصر جبهة تضم ممثلين لكل الأحزاب السياسية العاملة في ذلك الوقت، فقد كانت تلك المعاهدة تحمل في طياتها خديعة كبرى، حيث نصت في مقدمتها على الاستقلال، ثم حوت في صلبها كل ما يسلب هذا الاستقلال3.
كذلك تورطت البقية الباقية من الزعامات الوطنية في مصادرة الحريات