توثقه جمهرة الأصوات1، وقد ساعد بعض زعماء ثورة 19 على نجاح هذه المؤامرة، وذلك بتعلقهم بالحكم وميلهم إلى السلطة، وتمكينهم للأهواء الشخصية والمكاسب الذاتية، وقد استغل كل من القصر والإنجليز هذا الضعف في نفوس هؤلاء الزعماء، فوجهوا الضربات إلى الاستقلال والدستور، والحكم الوطني، بل إلى هؤلاء الزعماء أنفسهم؛ حيث ضربوا بعضهم بالبعض، وأحالوا طاقاتهم الوطنية النضالية، إلى خصومات حزبية نفعية، وهكذا أصبح القصر والإنجليز، والزعامات المنحرفة في جانب العدوان على الحرية والدستور، وأصبحت القوى الوطنية -تقودها بعض الزعامات المخلصة- في جانب الدفاع عن الحرية والدستور، ومكاسب ثورة 19 على وجه العموم.

وقد سجل تاريخنا الحديث أن القوى الوطنية كانت تمكن للزعامات المخلصة من السلطة عن طريق الانتخابات، والسير على هدى الدستور، وأن القوى العدوانية المتحالفة ضد مكاسب الشعب، كانت تمكن للزعامات المنحرفة من السلطة عن طريق الانقلابات والمؤامرات، والاعتداء على الدستور، فقد جاءت القوى الوطنية بسعد زغلول إلى الحكم عن طريق الدستور، والبرلمان في أوائل سنة 1924، فأطاحت القوى العدوانية بسعد في أواخر العام نفسه، وجاءت بزيور، ومكنت له عن طريق تعطيل الدستور، وحل البرلمان2، ثم جاءت القوى الوطنية -بعد نضال- بمصطفى النحاس الذي خلف سعدًا في رياسة الوفد، وكان يتمتع بتأييد الأغلبية البرلمانية، وبمساندة الدستور حين جاءت به إلى الحكم تلك القوى الوطنية سنة 1928، ولكن القوى العدوانية المتحالفة ضد حرية الشعب ودستوره، وقد أطاحت به في نفس العام، وجاءت بمحمد محمود عن طريق تعطيل الدستور، وحل البرلمان3، وبعد نضال آخر جاءت القوى الوطنية بمصطفى النحاس للمرة الثانية إلى الحكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015