وفي صحيح مسلم وغيره عن أبى الهيَّاج الأسدي قال: "قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألاَ أبعثك على ما بعثني عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أن لاَ أَدع تمثالا إلاَّ طَمَسته، ولا قبراً مشرِفاً إلاَّ سوَّيتُه" (1) .
وفي صحيح مسلم أيضاً عن ثمامة بن شفي نحو ذلك2.
وفي هذا أعظمُ دلالة على أنَّ تسويةَ كلِّ قبر مشرِف بحيث يرتفع زيادة على القدر المشروع واجبةٌ متحتِّمة، فمِن إشراف القبور: أن يرفع سمكها، أو يجعل عليها القباب أو المساجد، فإنَّ ذلك من المنهيِّ عنه بلا شك ولا شبهة، ولهذا فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعث لِهدمِها أميرَ المؤمنين عليًّا، ثم إنَّ أمير المؤمنين بعث لِهدمِها أبا الهيَّاج الأسدي في أيام خلافته.
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي ـ وصححه ـ والنسائي وابن حبان من حديث جابر قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجَصَّص القبر، وأن يُبنَى عليه، وأن يُوطَأ" (3) .
وزاد هؤلاء المخرِّجون لهذا الحديث عن مسلم: "وأن يُكتب عليه". قال الحاكم: "النهى عن الكتابة على شرط مسلم، وهي صحيحة غريبة"4.