وعليه أن يُمسك قلمَه ولسانه، ويشتغل بطلب العلم، ويفرغ نفسه لطلب علوم الاجتهاد التي يتوصل بها إلى معرفة الكتاب والسنة وفهم معانيهما، والتمييز بين دلائلهما، ويجتهد في البحث في السنة وعلومها، حتى يتميز عنده صحيحها من سقيمها، ومقبولها من مردودها، وينظر في كلام الأئمة الكبار من سلف هذه الأمة وخلفها حتى يهتدي بكلامهم إلى الوصول إلى مطلوبه1، فإنَّه إن لَم يفعل هذا وقدَّم الاشتغال بما قدَّمنا، ندم على ما فرط فيه قبل أن يتعلَّم هذه العلوم غاية الندم، وتَمَنَّى أنَّه أمسك عن التكلُّم بما لا يعنيه، وسكت عن الخوض فيما لا يَدْرِيه، وما أحسن ما أدَّبنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه من قول "رحم الله امرءاً قال خيراً أو صمت"2، وهذا في الذي تكلَّم في العلم قبل أن يفتح الله عليه بما لا بدَّ منه، وشغل نفسه بالتعصب للعلماء، وتصدَّر للتصويب والتخطئة في شيء لَم يعلمه ولا فهمه حقَّ فهمه، ولم يقل خيراً ولا صمت، فلم يتأدَّب بالأدب الذي أرشد إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا تقرَّر لك من مجموع ما ذكرناه وجوبُ الرد إلى كتاب الله وسنِّة رسوله صلى الله عليه وسلم بنصِّ الكتاب العزيز وإجماع المسلمين أجمعين، عرفت أنَّ مَن زعم من الناس أنَّه يُمكن معرفة المخطئ من العلماء من غير هذه الطريق