عليه شدة، ويخاطَب بأمور لا يخاطَب بها الجاهل، ويكلَّف بتكاليف غير تكاليف الجاهل، ويكون ذنبُه أشدَ وعقوبتُه أعظمَ، وهذا لا يُنكره أحدٌ مِمَّن له أدنى تمييز بعلم الشريعة1، والآيات والأحاديث الواردة في هذا المعنى لو جُمعت لكانت مؤلَّفاً مستقيماً2، ومصنَّفاً حافلاً، وليس ذلك من غرضنا في هذا البحث، بل غاية الغرض من هذا ونهاية القصد منه هو بيان أنَّ العالِمَ كالجاهل في التكاليف الشرعية والتعبُّد بما في الكتاب والسنة، مع ما أوضحناه لك من التفاوت بين الرتبتين، رتبة العالم ورتبة الجاهل في كثير من التكاليف واختصاص العالم منهما3 بما لا يجب على الجاهل.

وبهذا يتقرَّر لك أن ليس لأحد من العلماء المختلفين، أو من التابعين لهم والمقتدين بهم أن يقول: الحقُّ ما قاله فلان دون فلان، أو فلان أولى بالحق من فلان، بل الواجب عليه ـ إن كان مِمَّن له فهم وعلم وتمييز ـ أن يردَّ ما اختلفوا فيه إلى كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، فمَن كان دليلُ الكتاب والسنة معه فهو على الحق وهو الأولى بالحق (4) ، ومَن كان دليلُ الكتاب والسنة عليه لا له كان هو المخطئ، ولا ذنب عليه في هذا الخطأ، إن كان قد وفَّى الاجتهاد حقَّه، بل هو معذور، بل مأجور، كما ثبت في الحديث الصحيح أنَّه: "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015