فإنَّ هذه القِبابَ والمشاهدَ التي صارت أعظمَ ذريعة إلى الشرك والإلحاد، وأكبرَ وسيلة إلى هدم الإسلام وخراب بنيانه، غالبُ، بل كلُّ مَن يَعمُرُها هم الملوكُ والسلاطينُ والرؤساء والولاةُ، إمَّا على قريب لهم أو على مَن يُحسنون الظنَّ فيه، مِن فاضل أو عالِم أو صوفيٍّ أو فقير أو شيخ أو كبير، ويزورُه الناسُ الذين يعرفونه زيارة الأموات، مِن دون توسُّل به ولا هَتف باسمه، بل يَدْعون له ويستغفرون، حتَّى ينقرِضَ مَن يَعرفه أو أكثرُهم، فيأتي مَن بعدهم فيجد قبراً قد شيد عليه البناءُ، وسُرِجَت عليه الشموعُ، وفُرِشَ بالفراش الفاخر، وأُرْخِيَت عليه الستورُ، وأُلْقِيَت عليه الأورادُ والزهور، فيعتقد أنَّ ذلك لنفع أو لدفع ضر، ويأتيه السَّدَنة يكذبون على الميِّت بأنَّه فعلَ وفعل، وأنزل بفلان الضَّرَرَ، وبفلان النفع، حتى يَغرسُوا في جِبلَّتِه كلَّ باطل، ولهذا الأمر ثبت في الأحاديث النبوية اللَّعنُ على مَن أَسْرَجَ على القبور، وكتب عليها وبنى عليها1، وأحاديثُ ذلك واسعةٌ معروفة، فإنَّ ذلك في نفسه منهي عنه، ثم هو ذريعةٌ إلى مفسدة عظيمة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015