صيَّرهم كمَن سَوَّى بين الأصنام وبين رب الأنام.

قال الله تعالى: [12: 106] {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} أي: ما يُقرُّ أكثرُهم في إقراره بالله وبأنَّه خلَقَهم وخلَق السموات والأرض إلاَّ وهو مشركٌ بعبادة الأوثان.

بل سمَّى الله الرياء في الطاعات شركاً، مع أنَّ فاعلَ الطاعة ما قصد بها إلاَّ الله تعالى، وإنَّما أراد طلب المنزلة بالطاعة في قلوب الناس، فالمرائي عَبَدَ اللهَ لا غيرَه، لكنَّه خَلَطَ عبادتَه بطلب المنزلة في قلوب الناس، فلم يقبل له عبادة وسمَّاها شركاً، كما أخرج مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، مَن عَملَ عملاً أشركَ فيه معي غيري تركتُه وشركَه" 1، بل سمَّى الله التسميةَ بعبد الحارث شركاً، كما قال تعالى: [7: 159] {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ، فإنَّه أخرج الإمام أحمد والترمذي من حديث سَمرة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لَمَّا حملت حواء ـ وكان لا يعيش لها ولد ـ طاف بها إبليس، وقال: لا يعيش لك ولد حتى تسمِّيه عبد الحارث، فسمَّته فعاش، وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره، فأنزل الله الآيات2، وسمَّى هذه التسمية شركاً، وكان إبليس تسمى بالحارث"، والقصة في الدر المنثور وغيره3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015