قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: «إنَّ اللهَ لا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزعهُ مِنَ النَّاسِ، وَلكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوساً جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأفْتوا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأضَلُّوا» . متفقٌ عَلَيْهِ.

قال البخاري: باب كيف يُقْبَض العلم.

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاكتبه، فإني خفت دروس العلم، وذهاب العلماء، ولا تَقْبَلْ إلا حَدِيثَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولتفشوا العلم، ولِتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرًا. وذكر الحديث.

قال الحافظ: وفيه: الحث على حفظ العلم، والتحذير من ترئيس الجهلة.

وفيه: أن الفتوى هي الرياسة الحقيقية، وذم من يقدم عليها بغير علم، وقال البخاري أيضًا: باب رفع العلم وظهور الجهل. وقال ربيعة: لا ينبغي لأحدٍ عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه، وذكر حديث أنس، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنّ من أشراط الساعة أنْ يُرفع العلم، ويثبت الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا» .

قال الحافظ: ومراد ربيعة: أنَّ من كان فيه فهم وقابلية للعلم، لا ينبغي له أنْ يهمل نفسه فيترك الاشتغال به، لئلا يؤدي ذلك إلى رفع العلم.

أو مراده: الحثّ على نشر العلم في أهله، لئلا يموت العالم قبل ذلك فيؤدي إلى رفع العلم.

أو مراده: أن يشهر العالم نفسه، ويتصدى للأخذ عنه لئلا يضيع علمه.

وقيل: مراده تعظيم العلم وتوقيره، فلا يهين نفسه بأنْ يجعله عرضًا للدنيا. وهذا معنى حسن، لكن اللائق بتبويب المصنف، ما تقدم، انتهى. والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015