ومنهم من يعتمد على آية في محاربة الحق وأهله، وإيذاء واضطهاد حملته وأنصاره، بل وفي قتل هؤلاء وإعدامهم.
كثيرٌ من الفروض والواجبات ضيَّعها محرفون في هذا الزمان، واعتمدوا فيها على تحريفهم لمعاني الآيات. كثيرٌ من الحلال المطلوب اعتبروه حراماً ممنوعاً، اعتماداً عليها. كثيرٌ من الأباطيل والأخطاء والمعاصي والفواحش أصبحت مطلوبةً في هذا الزمان. كثير من الحرام أصبح مطلباً وأملاً لكثيرين أيضاً.
أقبل هؤلاء المحرفون لمعاني الآيات على القرآن، وبحثوا فيه عن آيات يمكن أن يحرِّفوا معانيها لتشهد لهم، تعاملوا مع القرآن بخلفية مسبقة، ونيَّة خبيثة محددة، ودخلوا عالمه الرحيب بمزاجية ومصلحية وهوى.
انطبق عليهم في نظرتهم لآيات القرآن قول الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}.
وانطبق عليهم ذم القرآن لليهود، في تعاملهم مع أنبيائهم وكتبهم، بمزاجيةٍ وهوى، قادهم إلى التحريف والتزوير والرفض والمعاداة و " القرطسة "، فنالوا بذلك غضب الله واستحقوا عذابه، وخرجوا من دينه.
لقد ذم الله يهود في تحريفهم لمفاهيم كتبهم، وفي تجزئتها وتقسيمها وقرطستها، بحيث قسَّموها إلى أقسام، آمنوا ببعضها وكفروا بالآخر، وقرطسوها إلى كتب، أظهروا بعضها وأخفوا الآخر. ذم الله فعلهم بقوله: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ}.
وبقوله تعالى: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا}.