يعجب الناظر في أحوال المسلمين في هذا الزمان، والملاحِظ لصلتهم بالقرآن وتعاملهم معه، من أمر غريب، وهو تزايد نسبة الأفهام الخاطئة لمعاني آيات من القرآن، وتزايد نسبة الاستدلالات المرفوضة من الآيات، والأحكام الباطلة التي بنوها عليها، والتحريفات لبعض المفاهيم القرآنية.
آيات من القرآن يحرِّفون معانيها ومفاهيمها لتشهد لهم على أخطائهم السياسية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو السلوكية، أو الفنيَّة، أو التعليمية، أو العلمية، أو الثقافية، أو النظرية، أو العملية، إلخ.
منهم من يعتمد على آية في أخطائه في العقيدة والإيمان، أو في الفقه والأحكام، أو في التشريع والنظم. ومنهم من يعتمد على آية -أو آيات- في تزيين القعود عن أداء الواجب، وضعف الهمَّة، وخور العزيمة، وسقوط الإرادة. ومنهم من يعتمد على آية في متابعته لهواه ومزاجه وميوله وانحرافاته ورغباته. ومنهم من يعتمد على آية في تضييع الحق وإخفاء معالمه، أو في نصرة الباطل وتأييده والدعاية له.
ومنهم من يعتمد على آية في تأييد الظالمين، وموالاة الفاسقين، والضعف أمام الكافرين. ومنهم من يعتمد على آية في جبنه وذلِّه وضعفه واستعباده. ومنهم من يعتمد على آية في إجازة البغي، ونصرة الظلم، ومباركة الطغيان. ومنهم من يعتمد على آية في مباركة النفاق والانتهازية والمصلحية.