المستعمرون يسيطرون على غالب العالم الإسلامي في ذلك الوقت، وهو وقت عنفوانهم، ويعلمون من واقع حروبهم الصليبية، أن عدوهم الأول في تحقيق مآربهم: الإسلام الخالي من الشوائب، وتمثله السلفية، ووجدوا ثوباً جاهزاً ألبسوه هذه الدعوة تنفيراً، وتفريقاً بين المسلمين - لأن مبدأهم فرق تسد - حيث أن صلاح الدين الأيوبي رحمه الله لم يخرجهم من ديار الشام إلى غير رجعة، إلا بعد أن قضى على دولة الفاطميين العبيديين الباطنيين من مصر، ثم استقدم علماء من أهل الشام ووزعهم في الديار المصرية فتحولت مصر من التشيّع الباطني إلى منهج أهل السنة والجماعة، الواضح دليلاً وعملاً واعتقاداً.

فالمستعمرون خافوا من إعادة الكرّة، بعدما رأوا دولة التوحيد السنّية، التي قادها الإمامان: محمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن سعود، ثم من جاء بعدهما، تتسع أعمالهما،، ويكثر المستجيبون لما تهدف إليه هذه الدعوة، ومعلوم لديكم أن المستعمر ما دخل بلدة إسلامية إلا حاول إقصاء أهل السنة، وتقريب أهل الأهواء والبدع؛ لأنهم مطيته فيما يريد عمله في ديار الإسلام.

كنت أعتقد أن هذا الجواب فيه إقناع.. لكن طرح أحدهم سؤلاً قال فيه: ألا يكون محمد بن عبد الوهاب قد أخذ منهج السابقين وأحياه من جديد واتبع طريقتهم؟!

قلت: أولاً: لبعد الاتصالات بين المكانين فإن المعلومات لا تصل ولم يكن لدعوة عبد الرحمن بن رستم ذكر في تاريخ الجزيرة العربية، بل كما مر بنا، لم يكن لها تصنيف عند الدارسين والراصدين للملل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015