هي مَفاسدُ في نَظرِ الشَّرْعِ كَوَادِ البَناتِ، وغَيرِه قالَ الغَزَالِيُّ: ونَعْني بالمَصلَحةِ: المُحافَظةَ على مَقْصودِ الشَّرْعِ، ومَقصودُ الشَّرعِ مِن الخَلْقِ خَمْسةٌ: وهو أنْ يَحفظَ عليهم دِينَهمْ ونَفْسَهمْ وعَقْلَهمْ ونَسْلَهمْ ومالَهمْ، فكُلُّ ما يضْمنُ حِفْظَ هذه الخَمْسةِ فهو مَصلحةٌ، وكُلُّ ما يُفَوِّتُ هذه الأُصولَ فهو مَفسدَةٌ ودَفْعُه مَصلحةٌ، وإذا أطْلَقْنا المَعْنى المُخَيَّلَ أوِ المُناسِبَ في بابِ القِياسِ أرَدْنا به هذا الجِنسَ. اهـ.
وبَعْدَ تعْريفِ المَصلحةِ نَعودُ إلى بَيانِ أنْواعِها مِن حَيثُ الاعتبارُ الشَّرْعِيُّ لها وعدَمُه:
النَّوعُ الأَوَّلُ: المصلحةُ المُعتَبَرَةُ؛ أي: ما عُلِمَ اعْتِبارُ الشَّرْعِ لها، وهي كُلًُّ مَصلحةٍ ثَبَتَ الحُكْمُ المُؤَدِّي إليها بِدَليلٍ مِن نَصٍّ، أوْ إجْماعٍ. وقدْ عبَّرَ الأُصولِيُّونَ عنْها بِالمَصْلَحةِ المُعْتَبرَةِ، أوِ المُناسِبِ المُعْتَبَرِ، وهذا النَّوعُ يَجوزُ بِناءُ الأحْكامِ عليه، والتَّعْليلُ به بِإجْماعِ القائِلينَ بحُجِّيَّةِ القِياسِ.
وقدْ أشارَ الشَّاطِبِيُّ إلى ذلكَ بِقولِه: المَعْنى المُناسِبُ الَّذي يُربَطُ به الحُكْمُ لا يَخْلو مِن ثَلاثَةِ أقْسامٍ:
أحدُها: أنْ يشْهدَ الشَّرعُ بِقَبولِه؛ فَلا إشْكالَ في صِحَّتِه، ولا خِلافَ في إعْمالِه، وإِلاَّ كان مُناقَضةً للشَّريعَةِ؛ كشَرْعيَّةِ القِصاصِ حِفْظاً لِلنَّفسِ والأَطْرافِ. اهـ.
وهو أربعةُ أقْسامٍ:
القسْمُ الأوَّلُ: أنْ يُعْتبَرَ عَيْنُ الوَصْفِ في عَينِ الحُكْمِ بِنصٍ أوْ إجْماعٍ، وهو المُؤَثِّرُ، سُمِّيَ بذلكَ لِحُصولِ التَّاثيرِ فيه عَيْناً وجِنْساً فظَهرَ تاثيرُه في الحُكْمِ، ويُعْرَفُ عندَ الأُصولِيِّينَ بِالمَصلحةِ المُؤَثِّرَةِ أوِ المُناسِبِ المُؤَثِّرِ، والأمثِلَةُ لِهذا القِسْمِ كَثيرَةٌ.