يَتَخَلَّفُ، بدليلِ: أَعْجَبَنِي ما صَنَعْتَ اليومَ ثمَّ ما صَنَعْتَ أَمْسِ أَعْجَبُ؛ لأنَّ (ثمَّ) في ذلك لترتيبِ الأخبارِ، ولا تَراخِي بينَ الإخبارَيْنِ، ووَافَقَهُ ابنُ مالِكٍ وقالَ: تَقَعُ (ثمَّ) في عَطْفِ المُتَقَدِّمِ بالزمانِ اكتفاءً بترتيبِ اللفْظِ وجَعَلَ منه قولَه تعالَى: {ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} والصحيحُ الأوَّلُ، قالَ الشيخُ في (شَرْحِ الإلمامِ) ولأجْلِ إفادَةَ (ثمَّ) التَّراخِي امْتَنَعَ أنْ يَقَعَ في جوابٍ، فلا تَقولُ: إنْ تُعْطِنِي ثمَّ أنَّا أَشْكُرَكَ، كما تَقولُ: فأنَّا أَشْكُرُكَ لأنَّ الجزاءَ لا يَتراخَى عن الشرطِ، فالمعنيانِ مُتَنافِيَانِ، وكذلك أيضاًً لا يَقَعُ في بابِ الافْتِعالِ والتفاعُلِ لمُنَافَاةٍ معناها.

وقالَ ابنُ عُصْفُورٍ فيما قَيَّدَه على (الجَزُولِيَّةِ): من الدليلِ على أنَّ (ثمَّ) ليسَتْ كالواوِ، إجماعُ الفقهاءِ على أنَّه لا يَجُوزُ أنْ يُقالَ: يمينُ اللهِ ويَمِينُكَ، وأَجَازُوا: هذا بيَمِينِ الله ثمَّ بيمينِكَ، ولو كانَتْ بمعنَى الواوِ ما فَرُّوا إليها، وفي الحديثِ: أنَّ بعضَ اليهودِ قالَ لبعضِ أصْحَابِه: أَنْتُمْ تَزْعُمونَ أنَّكُم لا تُشْرِكُونَ باللهِ شيئاً، وأَنْتُم تَقُولُونَ: شَاءَ اللهُ وشِئْتُ، ذُكِرَ ذلك للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالَ: ((لا تَقُولُوهَا، ولكنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ ثمَّ شِئتُ))، رَوَاهُ قَاسِمُ بنُ أَصْبَغَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015