بمشيئَةِ اللهِ أو بِإرَادَتِه أو بِرِضَاهُ ـ لم تُطَلَّقْ، قالَ: لأنَّ الباءَ في كلِّ هذا في ظاهرِ اللغةِ تُحْمَلُ على التعليقِ، ألاَ تَرَاهُ يقولُ: أَخْرَجُ بمَشِيئَةِ اللهِ، معناهُ: إنْ شاءَ اللهُ، وأَنْتِ طَالِقٌ بدُخولِ الدَّارِ؛ أي: إنْ دَخْلَتْ، ثمَّ قالَ: ولو قالَ: أنتِ طالقٌ بأَمْرِ اللهِ، أو بقَدَرِ اللهِ، أو بِحُكْمِ اللهِ، أو بِعِلْمِ اللهِ ـ طُلِّقَتْ في الحالِ؛ لأنَّه لا يَتَعَارَفُ كونُه شَرْطاً يُرِيدُونَ به التحْقِيقَ، انتهى.
وهذا يَدُلُّ على أنَّ التفْرِقَةَ أَخَذَهَا من العُرْفِ لا مِن اللغةِ، ومَسائِلُ الفِقْهِ لا تُبْنَى على دقائقِ النَّحْوِ.
ص: الثامنُ: بل للعَطْفِ والإضرابِ، إمَّا للإبْطالِ أو الانْتقالِ من غَرَضٍ إلى آخَرَ.
ش: (بل) إمَّا أنْ يَقَعَ بَعْدَها المُفْرَدُ أو الجُمْلَةُ، فإنْ وَقَعَ بَعْدَها مُفْرَدٌ كانَتْ للعَطْفِ ثمَّ إمَّا أنْ يُعْطَفَ بها في الإثباتِ أو النفْيِ، فالأوَّلُ نحوُ: جَاءَ زَيدٌ بل عَمْرٌو، فهي لنَقَلِ الحُكْمِ عمَّا قَبْلَهَا وجَعْلِهُ لَمَّا بَعْدَهَا قَطْعاً، ولا نَعْنِي بذلك أنَّها تَنْفِيَه عمَّا قَبْلَها، وتُجْعَلُ ضِدَّهُ لِمَا بَعْدَها فتُقَرِّرُ نَفْيَ القيامِ عن زيدٍ وتُثْبِتُه لعَمْرٍو، وأَجَازَ المُبَرِّدُ وابنُ عَبْدِ الوارثِ، وتلميذُه الجُرْجَانِيُّ معَ ذلك أنْ تكونَ نَاقِلَةً حُكْمَ النَّفْيِ لِمَا بعدَها، كما في الإثباتِ فتَحْتَمِلُ عندَهم في نحوِ: ما قَامَ زيدٌ بل عمرٌو، أنْ يكونَ التقديرُ: بل ما قَامَ عمرٌو، وإذا لا يَضْرِبْ زيدٌ عمراً، يكونُ ناهياً عن ضربِ كلِّ واحدٍ منهما، وإذا قالَ: ما له عليَّ دِرْهَمٌ بل دِرْهَمَانِ، لا يَلْزَمَه شيءٌ؛ لأنَّ الدرهمَ مَنْفِيٌّ صريحاً، وعُطِفَ عليه الدرْهَمَانِ مَنْقُولاً النفْيُ إليهما، فصَارَ كأنَّه قالَ: ما له عَلَيَّ دِرْهَمٌ وما له