بِيَدِكَ، وأنْ تكونَ مَنَعَتْهُ من التصرُّفِ من غيرِ مُبَاشَرَةٍ، فإذا قلتَ: أَمْسَكْتُ بزيدٍ، دَلَّتْ على أنَّ مُبَاشَرَتِكَ له بِيدِكَ، فالباءُ مُلْصَقَةٌ غيرُ مُتَعَدِّيَةٍ.
ص: والاستعانةُ والسبَبِيَّةُ.
ش: باءُ الاستعانةِ هي الداخلةُ على آلَةِ الفعلِ، نحوَ: كَتَبْتُ بالقلمِ وبَرَيْتُ بالسكينِ، ومنه: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ}. والسَّبَبِيَّةُ، نحوَ: {فُكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ} ومنهُ: لَقِيتُ بزيدٍ الأسدَ؛ أي: بسببِ لِقائِي إِياهُ، ولم يَذْكُرْ في (التسهيلِ) باءُ الاستعانةِ وأَدْرَجَها في السبَبِيَّةِ.
وقالَ في شرحِه: باءُ السببِيَّةِ هي الداخلةُ على صريحٍ؛ للاستعانَةِ عن فاعلٍ يَتَعَدَّاها مجازاً، نحوَ: {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ} فلو قَصَدَ إسنادَ الإخراجِ إلى الباءِ لحُسُنَ، ولكنَّه مَجازٌ.
قالَ: ومنه: كَتَبْتُ بالقَلَمِ، وقَطَعْتُ بالسكينِ، والنحْويُّونَ يُعَبِّرونَ عن هذه الباءِ باءَ الاستعانةِ، =وأوثرتْ على ذلك التعبيرِ بالسببِيَّةِ من أجلِ الأفعالِ المنسوبةِ إلى اللهِ تعالى، فإنَّ استعمالَ السببِيَّةِ فيها يَجُوزُ، واستعمالُ الاستعانةِ فيها لا يَجُوزُ، ولم يَذْكُرِ المُصَنِّفُ باءَ التعليلِ استغناءً عنه بالسببِيَّةِ؛ لأنَّ العِلَّةَ والسببَ واحدٌ، وابنُ مالكٍ غايَرَ بينهما، ومثلُ التعْلِيلِيَّةِ بقولِه تعالى: {ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ} {فَبُظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} وقالَ بعضُهم: إذا قلتَ: ضَرَبْتُه بسوءِ أَدَبِه، احْتُمِلَ العِلِيَّةَ والسببِيَّةَ، والفرقُ بينَهما: أنَّ العِلَّةَ مُوجِبَةٌ لمَعْلُولِها، بخلافِ السببِ لمُسَبِّبِه فهو للأمَارَةِ عليها، ومن هنا اخْتَلَفَ أهلُ السُّنَّةِ والمُعْتَزلَةِ في أنَّ الأعمالَ طاعةٌ ومعصيةٌ هل هي عِلَّةٌ للجزاءِ ثواباً وعقاباً أو سببٌ؟ فقالَت المعتزلةُ بالأوَّلِ وأهلُ السُّنَّةِ بالثاني، واخْتُلِفَ في