مشاركةٍ، ولو باليدِ، وَرَدَّ عليهما بقولِه: ذَهَبَ الله بِنُورِهِم؛ لأنَّ اللهَ تَعالَى لا يُوصَفُ بالذهابِ معَ النورِ، وأُجِيبَ بأنَّه يَجُوزُ على معنًى يَلِيقُ به، كما وَصَفَ نفسَه بالمجيءِ في قَوْلِهِ: {وَجَاءَ رَبُّكَ} وهو ظاهرُ البُعْدِ، ويُؤَيَّدُ بأنَّ باءَ التعديةِ بمعنَى الهمزةِ.

قَرَأَ اليَمَانِيُّ: (أَذْهَبَ اللهُ نُورَهُمْ) الثانيةُ: إنْ قيلَ: كيفَ جَاءَ قولُه تعالَى {تُنْبِتُ بِالدُّهْنِ} في قراءةٍ: ضَمُّ الباءِ، وتُنْبِتُ: مضارعُ أنْبَتَ، والهمزةُ في أَنْبَتَ للنقلِ، فكيفَ جَازَ الجَمْعُ بينَهما وبينَ الباءِ وهي للنقلِ، بل حَقُّهُ أنْ يَقُولَ: تُنْبِتُ بالدُّهْنِ أو تُنْبِتُ الدُّهْنَ؟ فالجوابُ أنَّها تَخْرُجُ على ثلاثةِ أوجِهٍ:

أحدُها: أنَّ الباءَ للحالِ؛ أي: تُنْبِتُ ثَمَرِها، وفيه الدُّهْنُ أو في هذه الحالِ.

ثانيها: أنَّ أَنْبَتَ ونَبَتَ بمعنًى واحدٍ، فكما يُقالُ نَبَتَ بالدُّهْنِ فكذا أَنْبَتَ بالدُّهْنِ.

ثَالِثُها: أنَّها زَائِدَةٌ.

الثالثةُ: نَازَعَ ابنُ الخَبَّازِ وغيرُه في جَعْلِ التعديةِ قَسِيماً للإلصاقِ؛ لأنَّ الإلصاقَ تعديةٌ، وجوابُه: أنَّ المرادَ بها نوعٌ خاصٌّ على ما تَقَدَّمَ، والإلصاقُ أَعَمٌّ منها؛ ولهذا قالَ الشيخُ أَبُو الفَتْحِ إذا قُلْتَ: أَمْسَكْتُ زَيْداً، احْتَمَلَ أنْ يكونَ باشَرْتُه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015