لمُجَرَّدِ الوقْتِ من دونِ تَعَلُّقِها بشيءٍ تَعَلُّقَ الظرفيَّةِ، وهي مجرورَةُ المَحَلِّ هَهنا لكونِها بَدَلاً عن الليلِ، كما جَرَتْ بحتى في قَوْلِهِ تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا} والتقديرُ: أَقْسَمَ بالليلِ وقتَ غَشَيَانِه؛ أي: أَقْسَمَ بوقَتِ غَشيانِ الليلِ.
ص: السابعُ: الباءُ للإلصاقِ حقيقةً أو مجازاً.
ش: معنَى الإلصاقِ: أنْ تُضِيفَ إلى ما كانَ لا يُضافُ إليه وتُلْصِقُه به لولاَ دُخُولُها نحوَ: خُضْتُ الماءَ برِجْلِي، ومَسَحْتُ برَاسِي، وهو أَصْلُ مَعانِيها، ولم يَذْكُرْ لها سِيبَوَيْه غيرَه، ولهذا قالَ المَغَارِبَةُ: لا تَنْفَكَّ عنه إلاَّ أنَّها قد يَتَجَرَّدَ له، وقد يُدْخِلُها معَ ذلك معنًى آخَرَ.
وقالَ عبدُ القاهرِ: قولُهم الباءُ للإلصاقِ إنْ حَمْلْنَاهُ على ظاهرِه اقْتَضَى إفادتُها في كلِّ ما تَدْخُلُ عليه وهذا محالٌ؛ لأنَّها تَجِيءُ معَ الإلصاقِ نَفْسُه كقولِنَا: أَلْصَقَتْهُ به ولُصِقَتْ به، وحينَئذٍ فلا بُدَّ من تَاويلِ كلامِهم، والوجْهُ فيه أنْ يكونَ غَرَضَهُمْ من ذلك أنْ يقولُوا للمُتَعَلِّمِ: انْظُرْ إلى قولِك: أَلْصَقَتْهُ به، وتَأَمَّلِ المُلابَسَةَ التي بينَ المُلْصِقِ والمُلْصَقِ به، واعْلَمْ أنَّ الباءَ أينَما كانَت، كانَت المُلابَسَةُ التي تَحْصُلُ بها شَبِيهَةً بهذِه المُلابَسَةِ التي تَرَاهَا في قولِك: أَلْصَقَتْه به.