ش: هذه من مسائلِ (المحصولِ)، وصُورَتُها أنَّ الخطابَ الذي له حقيقةٌ ومجازٌ، ومُوجِبُ المجازُ ثابتٌ في بعضِ الصوَرِ بدليلٍ هل يَقْتَضِي إرادَةُ المجازِ من ذلك الخطابِ، ويَلْزَمُ منه أنْ لا يُحْمَلُ على الحقيقةِ، وإلاَّ يُلْزَمُ باسْتِعْمالِ اللفْظِ في حقيقَتِه ومَجازِه، أو لا يَقْتَضِي ذلك مثالُه: لفظُ المُلامَسَةُ حقيقةٌ في اللَّمْسِ مجازٌ في الوقاعِ، وقد ثَبَتَ مُوجِبُ المجازِ من الآيةِ لانْعقادِ الإجْماعِ على جَوازِ التَّيَمُّمِ للمُجامِعِ، فهل يَدُلُّ على أنَّ المُرادَ بالمُلامَسَةِ فيها الجماعُ؟ حتى لا يَصِحُّ الاستدلالُ بها على أنَّ اللَّمْسَ باليَدِ المُخْتَلِفُ فيه كذلك.

فذَهَبَ الكَرْخِيُّ من الحَنَفِيَّةِ، والبصريِّ من المُعْتزلَةِ إلى أنَّه يَدُلُّ، وذَهَبَ القَاضِي عَبُدُ الجَبَّارِ وتَابَعَه في (المحصولِ) إلى أنَّه لا يَدُلُّ.

وحاصلُ الخلافُ أنَّ ثُبُوتَ مُوجِبُ المَجازَ في صورَةٍ بدلَيلٍ يَمَنْعُ إجراءَ الخِطابِ على حقيقَتِه على رَايٍ، ولا يَمْنَعُ منه على آخَرَ، وهو الصحيحُ؛ لأنَّ المُقْتَضِيَ لإرادَةِ الحقيقَةِ من هذا اللفْظِ فأعَمٌّ ولا مُعارِضٌ له، فلا يَجُوزُ صَرْفُه عنه بمُجَرَّدِ ما ذُكِرَ، وتَوَّسَطَ الشيخُ علاءُ الدِّينِ بنُ النَّفِيسِ، في كتابِه المُسَّمَى بالإيضاحِ فقالَ: مثلُ هذا وإنْ لم يَدُلُّ على ذلك، فهو يُفِيدُ رُجْحَاناً باعتبارِ ذلك المجازُ، فكذلك يكونُ في مَسْأَلَتِنَا، وهو حِينَما يَقْتَضِي حَمْلُ اللفظِ على أَحَدِ مجازاتِه مُوجَباً لاعتبارِ ذلك المجازُ، إذا عَلِمَتْ هذا فأَعْلَمْ أنَّ المسألَةَ مُفَرَّعَةًَ على امْتناعِ اسْتِعْمالِ اللفْظِ في حقيقَتِه ومجازِه، كما صَرَّحَ به الأَصْفَهَانِيُّ، وهو ظاهرٌ، فإنَّ المُجَوِّزَ لذلك يَحْمِلُه عليهما، ويَجْعَلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015