رابِعُها: ما لا يكونُ حقيقةً ولا مجازاً، فمنه اللفظُ في أوَّلِ وضْعِه قبلَ اسْتِعْمالِه فيما وُضِعَ له، فإنَّه ليسَ بحقيقةٍ ولا مجازٍ؛ لأنَّ الاسْتِعْمالَ شَرْطٌ في كلٍّ من الحقيقةِ، والمجازُ على ما سَبَقَ في تعريفِها، فحيثُ انْتَفَى الاستعمالُ انْتَفَيَا، كذلك أَطْلَقَ أَبُو الحُسَيْنِ وتَابَعَهُ الرَّازِيُّ والآمِدِيُّ وابنُ الحَاجِبِ والبَيْضَاوِيُّ وغيرُهم، وتَابَعَهم المُصَنِّفُ ويَجِبُ أنْ يكونَ مُرادُهم ليسَ بمَجازٍ فيما وُضِعَ له، أمَّا في غيرِه فلا يَمْتَنِعُ أنْ يكونَ مجازاً فيه، إذ الاستعمالُ لمُنَاسَبَةٍ بينه وبينَ الموضوعِ الأوَّلِ قبلَ الاستعمالِ فيه مُمْكِنٌ، وقد جَرَى على ذلك الصَّفِيُّ الهِنْدِيُّ، وذَكَرَ في (المِنْهاجِ) في أمْثَلَةِ هذا القِسمُ الأعْلامُ، وإنَّما لم يَذْكُرُه المُصنِّفُ؛ لأنَّ كلامَه فيما سَبَقَ يَقْتَضِي أنَّها حَقيقَةٌ، وكذا اقْتَصَرَ ابنُ الحَاجِبِ على اللفظِ قبلَ الاستعمالِ وقد يُقالُ: التقسيمُ ناقِصٌ، وبَقِيَ عليه اجْتماعُهُما في الإرَادَةِ على قَوْلِنا: يَجُوزُ الجَمْعُ بينَ الحقيقةِ والمجازِ.

ص: ثمَّ هو محمولٌ على عُرْفِ المُخَاطَبِ أَبَداً، ففي الشرْعِ الشرْعِيِّ؛ لأنَّه عَرَّفَه، ثمَّ العُرْفِ العامِّ ثمَّ اللُّغَوِيِّ، وقالَ الغَزَالِيُّ والآمِدِيُّ في الإثباتِ الشرْعِيِّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015