اللفظَ الواحدُ يَنْقَسِمُ إلى أَرْبَعَةِ أقْسامٍ:
أَحَدُها: ما هو حقيقةٌ فقط، وهو المُسْتَعْملُ في موضوعِه، كالأسدِ في الحيوانِ المخصوصِ.
والثاني: ما هو مجازٌ فقط، وهو المُسْتَعْمَلُ لا في موضوعِه، كالأسَدِ على الرجُلِ الشجاعِ.
والثالثُ: ما هو حقيقةٌ ومجازٌ باعتبارَيْنِ، إمَّا بمعنيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فهو كثيرٌ، ومن ألفاظِ العامِّ المخصوصِ، على قولِ مَن يقولُ: هو حقيقةٌ باعتبارِ دَلالَتِه على ما بَقِيَ مجازٌ، باعتبارِ سَلْبُ دلالَتِه على ما أَخْرَجَ، وإنَّما بمعنًى واحدٍ، فإنْ كانَ بحسَبِ وَضْعٍ واحدٍ فمُحالٌ، لامتناعِ اجْتماعِ الإثباتِ والنفْيِ من جِهَةٍ واحدةٍ، وإنْ كانَ بحسَبِ وضعَيْنِ، كلُغَوِيٍّ وعُرْفِِيٍّ مثلاً، فجائزٌ كالدابَةِ إلى الحمارِ، فإنَّها حقيقةٌ بالنسبةِ إلى الوضْعِ الأوَّلِ، مجازٌ بحسَبِ الوضْعِ العُرْفِيِّ، ومن هذا يُعْلَمُ أنَّ الحقيقةَ قد تَصِيرُ مَجازاً بالعكسِ.
وحَكَى صَاحِبُ (المُعْتَمَدِ) الاتفاقُ على جوازِه، قالَ: واخْتَلَفُوا في وقوعِه، قالَ: والذين أَجَازُوا انْتِقالَ الاسمِ عن موضوعِه في اللُّغَةِ بالعُرْفِ إنَّما أَجَازُوا ذلك ما لم يكنْ الاسمُ اللُّغَوِيُّ، ما لم يَتَعَلَّقْ به حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، فإنْ تَعَلَّقَ به لم يُجْزْ نَقْلُه عن موضوعِه إلى معنًى آخَرَ قَطْعاً لأمْرٍ يَرْجِعُ إلى المُتَكَلِّمِينَ.