ومنها: أن يعرف من حال المخاطب أنه يعني باللفظ ما يقتضيه ظاهره إن تجرد عن القرينة المعينة، وإن كان معه قرينة فما تقتضيه القرينة، وإلا لما حصل الوثوق بشيء من الأحكام (150/ز) لجواز أن يقال: إنه عنى بالخطاب الذي يدل ظاهره على حكم، أو خبر، أو وعد، أو وعيد غير ظاهره، مع أنه لم ينبه عليه، فيجب على المجتهد أن يبحث عن القرينة إلى أن يغلب على الظن وجودها أو عدمها فيعمل بمقتضاها إن وجدها، وإلا فما يقتضيه ظاهر اللفظ.
ص: دونه مجتهد المذهب وهو المتمكن من تخريج الوجوه على نصوص إمامه، ودونه مجتهد الفتيا وهو المتبحر المتمكن من ترجيح قول على قول آخر.
ش: اجتماع تلك العلوم إنما يشترط في المجتهد المطلق الذي يفتي في جميع أبواب الشرع، وقد انقطع الآن، ودونه في الرتبة مجتهد المذهب وهو من ينتحل مذهب إمام من الأئمة وعرف مذهبه وصار حاذقا فيه بحيث لا يشذ عنه شيء من أصول مذهبه ومنصوصاته فإذا سئل عن حادثة، إن عرف لصاحبه نصا أجاب وإلا اجتهد فيها على مذهبه وخرجها على أصول صاحبه، وادعى ابن أبي الدم أن هذا النوع قد انقطع في هذه الأعصار كالذي قبلها، ودونهما في المرتبة مجتهد الفتيا وهو المتبحر في المذهب المتمكن من ترجيح قول على آخر، وهذا أدنى المراتب، وما بقي بعده إلا العامي ومن في معناه.