ولا عبرة بقول الظاهرية المنكرين للقياس، فإن خلافهم جاء بعد انعقاد الإجماع من الصحابة على العمل بالمصالح المرسلة، فلا عبرة بخلافهم.
ولتمام الفائدة نذكر بإيجاز الفرق بين المصلحة المرسلة والقياس والاستحسان.
أولاً: الفرق بينها وبين القياس:
تقدم أن المصلحة المرسلة: هي كل مصلحة لم يرد من الشارع دليل معين يدل على اعتبارها ولا على إلغائها، وكانت ملائمة لمقاصد الشارع.
أما القياس فهو: إثبات مثل حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت.
ولما كان كل منهما يقوم على الاجتهاد بالرأي، فهناك أمور مشتركة بينهما وأمور غير مشتركة، فهما يتفقان فيما يأتي.
أولاً: أن العمل بهما لا يكون إلا في الوقائع التي لا يوجد لها حكم خاص في الكتاب والسنة والإجماع.
ثانياً: أن كلا منهما مبني على رعاية المصلحة التي يغلب على الظن أنها تصلح أن تكون مناطاً وعلة لتشريع الحكم.
وجه المخالفة بينهما:
ويختلفان فيما يأتي:
أولاً: أن الوقائع التي يحكم فيها بالقياس لها نظير وشبيه منصوص على حكمه في الكتاب أو السنة أو الإجماع، يمكن قياسها عليه لاشتراكهما في العلة التي من أجلها شرع الحكم في المنصوص أو المجمع عليه.
أما الوقائع التي يحكم فيها بالمصالح المرسلة فليس لها نظير ولا شبيه منصوص عليه أو مجمع على حكمه تقاس عليه، بل يثبت الحكم فيها ابتداء بناء على ما يكون فيها من المعنى الملائم لتصرفات الشارع الذي يترتب على تشريع الحكم وبنائه عليه