ووجْهُ تَسْمِيَةِ المَصلَحَةِ به: أنَّ المُجْتهدَ يَطْلُبُ صَلاحَ المُكَلَّفينَ باتِّباعِ المَصلحَةِ المَذْكورَةِ ومُراعاتِها.
وأمَّا المَصلحَةُ المُرسَلةُ فهي: الوَصْفُ المُناسِبُ لِتشْريعِ الحُكمِ الَّذي لَمْ يَشْهدْ له الشَّارعُ بِالاعْتِبارِ أو الإِلْغاءِ.
أي: هي الوَصف الَّذي يَحصلُ عَقلاً مِن تَرْتيبِ الحُكمِ عليه ما يَصلُحُ أنْ يَكونَ مَقْصوداً لِلشَّارعِ مِن دَفعِ المَفاسِدِ عن الخَلْقِ وجَلْبِ المَصالِحِ لهم، وسَكَتَ عنه الشَّارعُ فَلَمْ يَشْهدْ له بِالاعْتِبارِ ولا بِالإلْغاءِ بَلْ أَرْسَلَ عن دائِرَةِ الاعْتِبارِ والإلْغاءِ لكِنْ عُلِمَ مِن الشَّارِعِ كَونُه مَقْصوداً بِأدِلَّةِ الكِتابِ أو السُّنَّةِ أو الإجْماعِ أوِ قَرائِنِ الأَحْوالِ، فقدْ شَهدَ الشَّرعُ لِجْنسِ المَصلَحةِ بِأدِلَّةٍ مُتَعدِّدَةٍ أثْبَتَتِ القَطْعَ لِهذه القاعِدَةِ ووُجُوبَ العَملِ بها، ولَمْ يَدُلَّ دليلٌ خاصٌ على اعْتِبارِ عَينِها في عَينِ الحُكْمِ، قالَ الغَزَالِيُّ: عُرِفَتْ لا بِدَليلٍ واحِدٍ بَلْ بِأدِلَّةٍ كَثيرَةٍ لا حَصرَ لها مِن الكِتابِ والسُّنَّةِ وقَرائِنِ الأحْوالِ وتَفارِيقِ الأَماراتِ.
شُروطُ العَمَلِ بالمَصلحَةِ المُرسَلةِ: احْتاطَ الفُقَهاءُ في تََََََََََرْجيحِ المَصلحةِ واعْتِبارِها دَليلاً تُبْنى عليه الأحْكامُ، حتَّى لا يَفْتَحوا البَّابَ على مِصْراعَيْهِ فيَتَهافَتُ النَّاسُ ـ العالِمونَ والمُتَعالِمونَ ـ في طَلَبِ المَصلحَةِ، والعَمَلِ بأحْكامِها؛ فَيُهْمِلوا النُّصوصَ، أو يَتَناسَوها حِينَ حُكْمِهمْ بِالمَصلَحةِ؛ فَتَعْتَلِي المَصلحَةُ عِندَهُم مَرْتَبةَ النَّصِّ، لِذا اشْترَطَ الفُقَهاءُ لها شُرُوطاً لا تَتَحقَّقُ المَصلَحةُ المُرسَلَةُ إلاَّ بِها، فمُعْظَمُ الشَّافِعيَّةِ يَشْتَرِطونَ