وَلم يكن فِي طلب الأجناد أَشد بحثا عَنْهَا من أردشير بن بابك فِي آل ساسان وَمن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي خلفاء الْإِسْلَام فَإِنَّهُ كَانَ علمهما بأحوال الْعَامَّة كعلمهما بأحوال الْخَاصَّة وعلمهما بِمن بعد عَنْهُمَا كعلمهما بِمن قرب مِنْهُمَا
وَبِه استقامت سيرتهما وَظَهَرت حرمتهما
وَإِذا كَانَ باحثا على الْأَخْبَار مطلعا على غوامض الْأَسْرَار جمع فِي الاستخبار بَين مَعْرُوف مجاهر يكون بِهِ فِي النَّاس محذورا وَبَين مَجْهُول مساتر يصير بِهِ واثقا خَبِيرا لَا يتعارفان فيتواطآن انْكَشَفَ لَهُ غطاء الْغَفْلَة وانجلت شبه الْحيرَة فساس الْأُمُور 56 آبثقته وبصيرته وحرس الرّعية بيقظته وَصدق عزيمته وتهيب أعوانه فعل الْخَيْر فاستقاموا وتجنبوا قبح المكاسب فأنصفوا ووثقت الرّعية بكف العوادي عَنْهُم فَأمنُوا
وَإِذا أنس بمطالعة الْأَخْبَار استلذ غرائبها واستمد فوائدها
وَقد قَالَ الْمَنْصُور رَضِي الله عَنهُ
عجبت للسُّلْطَان الَّذِي لَا يتَّخذ بِقِرَاءَة الْأَخْبَار لهوا بِمَاذَا يلهو وللمدبر الَّذِي لَا يعلم مَا حدث فِي عمله كَيفَ يمْضِي تَدْبيره
قَالَ بعض الْعلمَاء
إِذا لَهَا السُّلْطَان عَن الْأَخْبَار وَلم يَله بهَا وَانْصَرف عَنْهَا وَلم ينْصَرف إِلَيْهَا فاسم الْعَجز أولى بِهِ من اسْم الحزم وَالتَّقْصِير عَلَيْهِ أغلب من الِاسْتِيفَاء وَجَهل الْوَاجِب أبين فِيهِ من علم الصَّوَاب
وَيجب أَن تكون عنايته بأخبار من بعد عَن حَضرته كعنايته بأخبار من قرب مِنْهَا بل رُبمَا كَانَ أهم لِأَن بعد الدَّار يبسط أَيدي الظلمَة فَإِذا وَافق بعد دَارهم قلَّة الاستخبار عَن أَحْوَالهم أمنُوا فِي اتِّبَاع أهوائهم وَسَكنُوا إِلَى