وَأما الانتصاف

فَهُوَ اسْتِيفَاء الْحُقُوق الْوَاجِبَة واستخراجها بِالْأَيْدِي العادلة فَإِن فِيهِ قوام الْملك وتوفير أَمْوَاله وَظُهُور عزه وتشييد قَوَاعِده وَلَيْسَ فِي الْعدْل ترك مَال من وجهة وَلَا أَخذه من غير وجهة بل كلا الْأَمريْنِ عدل لَا استقامة للْملك إِلَّا بهما

وكما أَن الانتصاف عدل فِي حُقُوق الْملك وَلما كَانَ الحيف فِي حُقُوق الرّعية قبيحا كَانَ الحيف فِي حُقُوق الْملك أقبح لِأَن يَده أَعلَى ونفع مَاله أَعم

وَإِن لم ينتصف لعجز كَانَ ذَلِك من وهاء ملكه

وَإِن لم ينتصف لإهمال كَانَ ذَلِك من ضعف سياسته

وَإِن لم ينتصف لترك كَانَ ذَلِك من تبذيره وسرفه إِلَّا أَن يكون عفوا لموجب ينْدب إِلَى مثله لَا يخرج عَن قانون السياسة وَهُوَ مِنْهَا وَلَيْسَ بعام فيلام

فَإِذا ذهبت الْأَمْوَال أَمْوَال الْملك بِأحد هَذِه الْأَسْبَاب القاطعة لمواده زَالَ عَنهُ الرَّجَاء وَاشْتَدَّ فِيهِ الطمع وَصَارَ على شفا جرف إِن صدعه خطب أَو قارعه 40 ب ضد فتلجئه الْحَوَادِث إِذا ترك مَا يسْتَحق إِلَى أَن يَأْخُذ مَا لَا يسْتَحق فَيصير فِي التّرْك جائرا على ملكه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015