فإذا تذكر ذلك، حصل له الخشوع والإقلاع، وتذكر من سلف من الأهل والأقارب، هذا في الزيارة النافعة، لا كما يفعل في زماننا هذا، من البدع في الزيارة يوم الخميس والسبت، فتتزين النساء، ويتبهرجن ويجلسن على القبور.

وقد نهى في سنن أبو داود «من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لأن يجلس أحدكم على جمرة، فتحرق ثيابه، فتخلص على جلده، خير له من أن يجلس على قبر.

وقال: لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» .

لكن اختلف العلماء في الجلوس ما هو؟ فأكثر العلماء على أنه الجلوس المعروف.

وقال مالك: هو التغوط عليها.

وروي في الموطأ: أن علياً كان يتوسد القبور ويضطجع عليها، وأن ابن عمر كان يجلس على القبور، وأن عثمان بن حكيم قال: أخذ خارجة ابن زيد بيدي فأجلسني على قبر، وأخبرني عن عمه يزيد بن ثابت، أنه قال: إنما كره ذلك لمن أحدث عليها.

والمقصود أن النساء يخرجن إلى المقابر، وتحضر الشباب الفسقة، فيجلسون على سكك المقابر، ويختلطون بهم في الغالب، وربما تصعد السوقة بملاذ المأكل وغيرها للبيع والشراء، وربما تحدثوا بما لا يليق.

فهؤلاء، قبحهم الله تعالى، وأبعدهم عن بابه، وختم على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم، لأنهم يشاهدون منازل الآخرة ـ يعني المقابر ـ وهم معرضون عما يراد بهم.

وقد نص الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ على أن الموتى يتأذون بفعل المعصية عندهم.

وفي زماننا هذا تفعل المعاصي في الترب، فيحصل للموتى الأذى بذلك، كما نص أحمد علىذلك لأنهم ـ رحمهم الله تعالى ـ قد تيقنوا شؤم عاقبة الذنب، وعاينوا عين اليقين، نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.

ونص الإمام أحمد: على أن الزيارة للقبور يوم الجمعة قبل طلوع الشمس، فإن الاموات يرون زائرهم.

وقال الغزالي في إحياء علوم الدين: الزيارة تكون يوم الجمعة، ويوم السبت قبل طلوع الشمس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015