الدنيا، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «أن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول ما يسخط الرب» ومنها: قال البخاري: قال عمر: دعهن يبكين على أبي سلمان ما لم يكن نقع أو لقلقة.
والنقع: التراب على الرأس.
واللقلقة: الصوت.
«حدثنا إسحاق بن منصور، عن أبي رجاء عبد الله بن واقد، عن محمد بن مالك، عن البراء بن عازب، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة، فلما انتهينا إلى القبر، فاستدرت، فاستقبلته، فإذا هو يبكي حتى بل الثرى، ثم قال: إخواني، لمثل هذا اليوم فأعدوا» رواه الإمام أحمد.
وقد ذكر بعض العلماء أن البكاء الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله وأباحه، أو أمر به للاستحباب، هو البكاء الذي هو دمع العين ورقة القلب ورحمته، والذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وهو البكاء ـ بالمد ـ الذي يستلزم الصراخ والندب والعويل.
ويشهد لهذا قوله: «ما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل، وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان، ونهى عن رنة الشيطان» وهو رفع الصوت عند المصيبة.
قلت: هذا وإن كان حسناً، يعكر عليه وما حكيناه عن الجوهري: إن البكاء يمد ويقصر، فهو لغتان، فلا فرق فيه بين المد والقصر، والله أعلم.
وليحذر العبد كل الحذر، أن يتكلم في حال مصيبته وبكائه، بشيء يحبط به أجره، ويسخط به ربه، مما يشبه التظلم، فإن الله تعالى عدل لا يجور وعالم ل يضل ولا يجهل، وحكيم أفعاله كلها حكم ومصالح، ما يفعل شيئاً إلا لحكمة، فإنه سبحانه له ما أعطى، وله ما أخذ، لا يسأل عما يفعل، وهم يسألون، وهو الفعال لما يريد، والقادر على ما يشاء، له الخلق والأمر.
بل إنما يتكلم بكلام يرضي به ربه ويكثر به أجره، ويرفع الله به قدره.
وقد روى ابن أبي الدنيا بإسناده قال: حدثني يونس بن محمد المكي، قال: زرع رجل من أهل الطائف زرعاً، فلما بلغ، أصابته آفة فاحترق، فدخلنا عليه لنسليه