ومن العجب كل العجب، يصدق بدار الخلود، وهو يسعى لدار الغرور، فمن أحبه الله حماه عن الدنيا، كما يحمي أحدكم مريضه عن الماء.
«وقد ورد في الحديث مرفوعاً: إن الله لم يخلق خلقاً أبغض إليه من الدنيا، وإنه منذ خلقها، لم ينظر إليها» .
وروى ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا: قال مالك بن دينار: قالوا لعلي ـ رضي الله عنه ـ: يا أبا الحسن، صف لنا الدنيا؟ قال: أطيل أم اقصر؟ قالوا: بل أقصر، قال: حلالها حساب، وحرامها النار.
وعنه أيضاً: قالوا: يا أمير المؤمنين، صف لنا الدنيا؟ قال: وما أصف لكم من دار؟ من صح فيها أمن، ومن سقم فيها ندم، ومن افتقر فيها حزن، ومن استغنى فيها فتن، في حلالها الحساب، وفي حرامها النار.
وروي عن يونس بن عبيد، قال: ما شبهت الدنيا إلا كرجل نائم، فرأى في منامه ما يكره وما يحب، فبينما هو كذلك إذ انتبه.
وقال الحسن بن علي: الدنيا ظل زائل.
وقال أبو سليمان الداراني: إذا كانت الآخرة في القلب: جاءت الدنيا تزحمها، وإذا كانت الدنيا في القلب، لم تزحمها الآخرة، لأن الآخرة كريمة، والدنيا لئيمة.
وقال الأوزاعي: سمعت بلالاً بن سعيد يقول: والله لكفى به ذنباً، أن الله عز وجل يزهد في الدنيا ونحن نرغب فيها، فزاهدكم راغب، ومجتهدكم مقصر، وعالمكم جاهل.
واعلم أن شرور الدنيا كأحلام نوم، أو كظل زائل، إن أضحكت قليلاً أبكت كثيراً، وإن سررت يوماً أو أياماً ساءت أشهراً وأعواماً، وإن متعت