من الشرك أو غيره من المعاصي إذا لم يحدث معصية بعد توبته، ومن نشأ في عبادة الله ولم يقارف معصية أصلاً، كل هؤلاء يدخلون الجنة ولا يدخلون النار لكنهم يردونها على الخلاف المعروف في الورود.

والصحيح إن شاء الله تعالى على ما ذكره جماعة من العلماء، أن المراد بالورود، المرور على الصراط وهو منصوب على ظهر جهنم، أجارنا الله من حرها وبردها.

وأما من مات من أهل المعاصي، أو له معصية كبيرة ولم يتب منها، فهو داخل تحت مشيئة الله، إن شاء عذبه بمقدار ذنبه، أو القدر الذي يريده ثم يدخله الجنة، وإن شاء عفا عنه مطلقاً، فلا يخلد أحد في النار مات على التوحيد، ولو عمل من المعاصي ما عمل، وهذا من أحسن ما يتسلى به من مات له قريب أو صاحب من أهل المعاصي، ومات وما يعلم هل تاب من المعاصي أم لا؟

قال أبو ذكريا النووي ـ رحمه الله ـ: وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة، وإجماع من يعتد به، على هذه القاعدة، وتواترت بهذه نصوص تحصل العلم القطعي بذلك.

انتهى كلامه.

ويؤكد ذلك ما ثبت في الصحيح، «من حديث عثمان ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة» .

قال القاضي عياض: اختلف الناس فيمن عصى الله تعالى من أهل الشهادتين، فقالت المرجئة: لا تضره المعصية مع الإيمان.

وقالت الخوارج: تضره ويكفر بها.

وقالت المعتزلة: يخلد في النار إذا كانت كبيرة، ولا يوصف بأنه مؤمن ولا كافر، لكنه فاسق.

وقالت جماعة من العلماء: بل هو مؤمن، وإن لم يغفر له، وإن عذب، فلا بد من إخراجه من النار، وإدخاله الجنة.

قال: وهذا الحديث حجة على الخوارج والمعتزلة، وأما المرجئة، فإن احتجت بظاهره، قلنا: نحمله على أنه غفر له وخرج من النار بالشفاعة، ثم أدخل الجنة ويكون معنى قوله عليه السلام: دخل الجنة: أي دخلها بعد مجازاته بالعذاب.

وهذا لا بد من تأويله، لما جاء في ظواهر كثيرة، من عذاب بعض العصاة.

انتهى كلامه.

ومن هذا الباب، ما ثبت في الصحيح، أن أبا الأسود الديلي، «حدثه أبو ذر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015