رواه مسلم.
«وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر حديث الشفاعة: ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيز، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلم، اللهم سلم، وفي جهنم كلاليب، مثل شوك السعدان ـ هل رأيتم شوك السعدان؟ ـ ثم قال: وإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله تعالى، تخطف الناس بأعمالهم» الحديث.
قد سمعت ـ رحمك الله ـ فانظر إلى هذه الطريق الحرج، والمسلك الشاق، والقنطرة المضطربة، والعقبة الكؤود، التي لا تثبت عليها الأقدام، ولا تجوزها الأوهام، ولا يثبت عليه إلا من ثبته الله بالقول الثابت، وثبت قدماه يوم تزل الأقدام، ولعل من عنده تساهل وعدم توفيق، يسمع بالصراط، فيظن أن طريقه يشبه طريق الدنيا التي هي صعبة المسلك، وعرة ذات صعود ونزول، هيهات وما علم، والله إنه أحد من السيف، وأدق من الشعرة، وعلى يمينه وشماله كلاليب وخطاطيف، فإذا كلفت المرور عليه وهو بهذه المثابة ـ وأعظم من ذلك أن جهنم تحتك، وقد أرعب قلبك من هول منظرها، وملأت أذنيك زفيرها ـ فهل تستطيع المرورأو النهوص أو الزحف؟ ! فإنه إذا اضطرب بك الصراط، والتهب السعير من تحتك التهاباً، ولم تجد إلى النجاة سبيلاً، ولا إلى الخلاص مقيلاً، فلا ينفعك في تلك الحال إلا سعي صالح مشكور، أو توبة نصوح من ذنب مغفور، فتخير الآن أي الأعمال أنجى لك؟ وأي الطرق معينة لك على سعيك لما ينفعك؟
وقالد روى ابن أبي الدنيا بإسناده، عن وهب بن منبه، قال: وجدت في زبور داود ـ عليه السلام ـ: يا داود، هل تدري من أسرع الناس ممرا على الصراط؟ الذين يرضون بحكمي، وألسنتهم رطبة من ذكري.